الأصل، فحذف تنوين الصرف، فخيف من رجوع الياء فيحصل الثقل، فأتي بالتنوين عوضا عنها، فغواش المنون ممنوع من الصرف؛ لأن تنوينه تنوين عوض كما علمت، وتنوين الصرف قد حذف، وهذا بناء على أن الإعلال؛ أي: التغيير والتصرف بالحذف مقدم على منع الصرف؛ أي: حذف التنوين، وإنما كان الراجح تقديم الإعلال؛ لأن سببه ظاهر؛ وهو الثقل، وسبب منع الصرف خفي؛ وهو مشابهة الفعل.
وفي «السمين»: وللنحاة في الجمع الذي على مفاعل إذا كان منقوصا بقياس خلاف: هل هو منصرف أو غير منصرف؟ فبعضهم قال: هو منصرف؛ لأنه قد زالت منه صيغة منتهى الجموع، فصار وزنه وزن جناح، وقد زال فانصرف. وقال الجمهور: هو ممنوع من الصرف، والتنوين تنوين عوض، واختلف في المعوض عنه ماذا؟ فالجمهور: على أنه عوض من الياء المحذوفة.
وذهب المبرد: إلى أنه عوض من حركتها، والكسر ليس كسر إعراب، وهكذا جوار وموال، وبعض العرب يعرب غواش ونحوه بالحركات على الحرف الذي قبل الياء المحذوفة، فيقول: هؤلاء جوار، وقرىء:{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ} - برفع الشين - كما مر.
{مِنْ غِلٍّ} والغل: - بالكسر - الغش والحق أيضا، وقد غل صدره يغل - بالكسر - غلا إذا كان ذا غش أو ضغن أو حقد. اه من «المختار» ويجمع على غلال.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التكرار في قوله: {يا بَنِي آدَمَ}.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} لأن المراد بالمسجد الصلاة والطواف علاقته المحلية، ولما كان المسجد محل الصلاة والطواف أطلق عليهما ذلك.