{إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} يحتمل (١) قلة العدد، ويحتمل قلة المال، ويحتمل قلة القوة التي هي الضعف، فقوله:{فَكَثَّرَكُمْ}؛ أي: كثر عددكم وكثركم بالغنى بعد الفقر، وكثركم بالقوة بعد الضعف.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين قوله: {الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} .. و {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}: وبين {مُؤْمِنُونَ} و {كافِرُونَ}، وبين {الرِّجالَ} و {النِّساءِ} في قوله: {لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ}، وبين قوله:{وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا} وقوله {وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا}.
ومنها: الجناس المغاير في قوله: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}، وفي قوله:{أَنَّ صالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ}، وفي قوله:{وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا}، وفي قوله:{حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ}.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {فَعَقَرُوا} لأن العاقر واحد منهم، فنسب العقر إلى الكل لرضاهم له نسبة لما للبعض إلى الكل.
ومنها: الاكتفاء في قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}؛ أي: والصيحة من السماء وقد وقع التصريح بها آية أخرى، فكان عذابهم بالرجفة والصيحة، فذكر في كل موضع واحدة منهما اه «قاري».
ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبيخي في قوله: {أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ}.
ومنها: السخرية والاستهزاء بلوط وأهله في قوله: {إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ}