للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المناسبة

قوله تعالى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ...} الآيات (١)، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ هذه الآيات من تتمة قصص شعيب، ذكر فيها جواب الملأ من قومه عما أمرهم به من عبادة الله وحده، وإيفاء الكيل والميزان، وعدم الفساد في الأرض، وعما ختم به حديثه من التهديد والإنذار بقوله: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا}.

وتولى الرد عليه أشراف قومه، كما هو الشأن في بحث كبريات المسائل ومهام الأمور.

وقوله تعالى: {وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها ظاهرة: وهي أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر جواب الملأ من قوم شعيب، وطلبهم منه العود إلى ملتهم، وبيّن يأسهم منه بما كان من جوابه لهم الدال على ثباته في مقارعتهم، وأنّه دائم النصح والتذكير لهم علّهم يرعوون عن غيّهم .. ذكر هنا أنّهم حذروا من آمن منهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، إذ سيلحقهم الخسار في دينهم، والخسار في دنياهم، لعل ذلك يثنيهم عن عزيمتهم، ويردهم إلى الرشاد من أمرهم، بحسب ما يزعمون، فكانت عاقبة ذلك أن أصبحوا كأمس الدابر، وأصبحت ديارهم خرابا يبابا، لا أنيس فيها ولا جليس.

قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ ...} الآية، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر (٢) حال الأمم السابقة مع أنبيائها، وبيّن من العظة والعبرة، فقد كانت العاقبة في كل حال للمتقين، والدائرة تدور على المبطلين .. أشار هنا إلى سنة الله في الأمم التي تكذب رسلها، أن ينزل بها البؤس وشظف العيش، وسوء الحال في دنياهم، ليتضرعوا إلى ربهم وينيبوا إليه بالإقلاع عن كفرهم، والتوبة من تكذيب أنبيائهم، وفي هذا من التحذير لقريش والتخويف لهم ما لا يخفى.

ثم ذكر أنّه بدل الرخاء بالبؤس ليعتبروا ويشكروا، لكنّهم لم يفعلوا فأخذهم أخذ عزيز مقتدر.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.