للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهما تحصل جميع الخيرات بخلق الله وتدبيره. ذكره أبو حيان.

وقرأ ابن (١) عامر وعيسى الثقفي وأبو عبد الرحمن: {لَفَتَحْنا} بتشديد التاء. ومعنى الفتح هنا التيسير عليهم، كما تيسر على الأبواب المنغلقة بفتحها، ومنه: فتحت على القارىء، إذا يسرت عليه بتلقينك إياه ما تعذر عليه حفظه من القرآن إذا أراد القراءة.

والمعنى (٢): {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى} التي أرسلنا إليها رسلنا {آمَنُوا} بالرسل المرسلين إليهم {وَاتَّقَوْا} ما صمموا عليه من الكفر، ولم يصروا على ما فعلوا من القبائح {لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: ليسرنا لهم خير السماء والأرض، كما يحصل التيسير للأبواب المغلقة بفتح أبوابها، ويجوز أن يكون اللام في {الْقُرى} للجنس، والمعنى: ولو أنّ أهل القرى أينما كانوا، وفي أي بلد سكنوا آمنوا واتقوا. إلى آخر الآية.

وقيل المعنى (٣): ولو أنّ أهل مكة ومن حولهم من أهل القرى آمنوا بما دعاهم إليه خاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه، من عبادته تعالى وحده، واتقوا ما نهاهم عنه من الشرك والفساد في الأرض، بارتكاب الفواحش والآثام .. لفتحنا عليهم أنواعا من بركات السماء والأرض لم يعهدوها من قبل، فتكون لهم أبواب نعم وبركات، غير التي عهدوا في صفاتها ونمائها وثباتها وأثرها فيهم، فأنزلنا عليهم الأمطار النافعة التي تخصب الأرض، وتكسب البلاد رفاهية العيش، وآتيناهم من العلوم والمعارف، وفهم سنن الكون، ما لم يصل إلى مثله البشر من قبل.

والخلاصة: أنّهم لو آمنوا .. لوسعنا عليهم الخير من كل جانب، ويسرناه لهم، بدل ما أصابهم من عقوبات بعضها من السماء، وبعضها من الأرض.

والقاعدة التي أقرها القرآن الكريم: أنّ الإيمان الصحيح، ودين الحق سبب


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.