للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك المحذوف، والتقدير: أجهل الذين يرثون أرض مكة وما حولها من بعد إهلاك أهلها الذين هم أسلافهم سنتنا فيمن قبلهم؟ أي: أجهل هؤلاء الوارثون سنتنا فيمن قبلهم، من إهلاكهم بذنوبهم، ولم يهد لهم؛ أي: ولم يتبين لهؤلاء الوارثين من بعد إهلاك أهلها، الذين هم أسلافهم. {أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} كما أصبنا أولئك المتقدمين؛ أي: أجهلوا سنتنا فيمن قبلهم ولم يبين لهم؟ أي: لهؤلاء الوارثين أنّه؛ أي: أن الشأن والحال، لو شئنا وأردنا إصابة هؤلاء الوارثين بذنوبهم، أصبناهم وأهلكناهم بذنوبهم، وكفرهم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، كما أصبنا وأهلكنا أولئك الموروثين الذين هم أسلافهم بذنوبهم، والواو في قوله: {وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ} بمعنى (أو) التي تمنع الجمع، عاطفة ما بعدها على أصبناهم؛ أي: أو نطبع ونختم على قلوب هؤلاء الوارثين إن نهلكهم بالعذاب، كما طبعنا على قلوب أولئك المتقدمين {فَهُمْ}؛ أي: هؤلاء الوارثون حينئذ؛ أي: حين إذ طبعنا على قلوبهم {لا يَسْمَعُونَ} الموعظة من أخبار الأمم المهلكة، ولا يقبلونها.

والمراد (١): لو شئنا نفعل بهؤلاء الوارثين إما الإهلاك وإما الطبع على القلب؛ لأنّ الإهلاك لا يجتمع مع الطبع على القلب، فإذا أهلك شخص يستحيل أن يطبع على قلبه؛ وإنّما يجعل الطبع حال استمراره على الكفر، فهو يكفر أولا، ثم يكون مطبوعا عليه في الكفر، ولم يكن هذا التقرير منافيا لصحة عطف قوله: {وَنَطْبَعُ} على {أَصَبْناهُمْ}.

والمعنى: أي أكان (٢) ما ذكر آنفا مجهولا لأهل القرى، وأنه هو سنة الله، ولم يتبين لأولئك الذين يرثون الأرض من بعد أهلها، قرنا بعد قرن، وجيلا بعد جيل، أنّ شأننا فيهم، كشأننا فيمن سبقهم، فهم خاضعون لمشيئتنا، فلو نشاء أن نعذبهم بسبب ذنوبهم لعذبناهم، كما أصبنا أمثالهم ممن قبلهم بمثلها، وأهلكناهم كما أهلكناهم، فإن لم نهلكهم بالعذاب .. نطبع على قلوبهم، فلا يسمعون


(١) المراح.
(٢) المراغي.