السبيل وهداه إليه، وهداه له؛ أي: دله عليه وبينه له.
{مِنْ عَهْدٍ} العهد الوصية، والوصية تارة يراد بها إنشاؤها وإيجادها، وأخرى يراد بها ما يوحى به، ويقال: عهدت إليه بكذا؛ أي: وصيته بفعله أو حفظه، وهو إما أن يكون بين طرفين - وهو المعاهدة - وإما من طرف واحد، بأن يعهد إليك بشيء، أو تلزم بشيء، والميثاق: هو العهد الموثق بضرب من ضروب التوكيد.
وقال الراغب (١): عهد الله تارة يكون بما ركزه في عقولنا، وتارة يكون بما أمرنا به في الكتاب وألسنة رسله، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم في أصل الشرع، كالنذور وما يجري مجراها اه {الفاسقين} والفسوق: الخروج عن كل عهد فطري وشرعي، بالنكث والغدر وغير ذلك من المعاصي، ووجدنا الأولى بمعنى ألفينا، والثانية بمعنى علمنا.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الأيات أنواعا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: تغليب حكم الجماعة على الواحد في قوله: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا}؛ لأنّ شعيبا لم يكن في ملتهم قط، فيعود فيها.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ}.
ومنها: التكرار في قوله: {وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَسِعَ رَبُّنا}؛ لأنّه كناية عن الإحاطة، وفي قوله:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا}؛ لأن الفتح حقيقة في الأجسام كفتح الباب، وفي قوله:{فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ}؛ لأنّه استعارة لاستدراجه العبد وأخذه من حيث لا يحتسب، كما ذكره أبو السعود. وفي قوله: {لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ