للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {وَيَذَرَكَ} بياء الغيبة ونصب الراء، وفي النصب وجهان، أظهرهما: أنّه على العطف على {لِيُفْسِدُوا}، والثاني: أنّه منصوب على جواب الاستفهام، كما ينصب في جوابه بعد الفاء، وقرأ نعيم بن ميسرة والحسن في رواية عنه: {وَيَذَرَكَ} بالرفع عطفا على أتذر بمعنى أتذره ويذرك، وعلى الاستئناف إخبارا بذلك، أو على الحال على تقدير: وهو يذرك، وقرأ الأشهب العقيلي والحسن في رواية عنه {وَيَذَرَكَ} بالجزم، إما على التخفيف بالسكون لثقل الضمة، أو عطفا على {يفسدوا} على توهم الجازم كما قيل: في {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}. وقرأ أنس بن مالك: {ونذرك} بالنون ورفع الراء، توعدوه بتركه وترك آلهته، أو على معنى الإخبار؛ أي: إن الأمر يؤول إلى هذا.

وقرأ أبي وعبد الله (٢): {ليفسدوا في الأرض وقد تركوك أن يعبدوك وآلهتك} وقرأ الأعمش: {وقد تركك وآلهتك} وقرأ الجمهور: {وَآلِهَتَكَ} بفتح الهمزة على صيغة الجمع. والظاهر: أن فرعون كان له آلهة يعبدها كما مر عن ابن عباس، وقيل: إن الإضافة لأدنى ملابسة باعتبار أنّه صنعها وأمرهم بعبادتها، لتقربهم إليه. وقرأ ابن مسعود وعلي وابن عباس وأنس رضي الله عنهم، والشعبي والضحاك: {وإلهتك}: بكسر الهمزة، وفسروا ذلك بأمرين:

أحدهما: أن المعنى: ويذكر وعبادتك فلا يعبدك؛ لأن فرعون كان يعبد ولا يعبد، فيكون حينئذ مصدرا بمعنى العبادة.

والثاني: أن المعنى: ويذرك ومعبودك، والمراد بالآلهة الشمس التي كان يعبدها، والشمس تسمى إلهة، علما عليها ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث، ونقل ابن الأنباري عن ابن عباس أنّه كان ينكر قراءة الجمهور ويقرأ: {وإلهتك} ويقول إن فرعون يعبد ولا يعبد. اه «سمين».

واعلم (٣): أن فرعون بعد واقعة السحر كان كلما رأى موسى خافه أشد


(١) البحر المحيط وغيره.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراح.