والعافية {قالُوا}؛ أي: قال آل فرعون {لَنا هذِهِ} الحسنة؛ أي: نحن المستحقون لها بما لنا من التفوق على الناس، فبلادنا بلاد خصب ورخاء، وقد غاب عنهم أن يعلموا أن هذا من الله، فعليهم أن يشكروه عليها ويقوموا بحق النعمة فيه. قال أبو السعود: وهذه الجملة بيان لعدم تذكرهم وتماديهم في الغي. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}؛ أي: وإن أصابهم قحط وجدب ومرض وبلاء {يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ} من المؤمنين؛ أي: تشاءموا بموسى وقومه وقالوا: إنما أصابنا هذا الشر بشؤم موسى وقومه، وغفلوا عن سيئات أنفسهم، وظلمهم لقوم موسى، توهما منهم أنّ ذلك حق من حقوقهم.
وهذه المعاملة يعامل بها الآن الأجنبي في الوطن أو في الدين، كما نراه الآن في بعض الدول العصرية، فإنا لله وإنّا إليه راجعون.
قال الزمخشري (١): فإن قلت: كيف قيل: {فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} بـ {إذا} وتعريف الحسنة، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} بـ {إِنْ} وتنكير السيئة؟
قلت: لأنّ جنس الحسنة وقوعه، كالواجب لكثرته واتساعه، وأما السيئة: فلا تقع إلا في الندرة، ولا يقع إلا يسير منها، ومنه قول بعضهم:
وقد عدّدت أيّام البلاء ... فهل عددت أيّام الرّخاء
انتهى.
وقرأ عيسى بن عمر وطلحة بن مصرف:{تطيروا} بالتاء وتخفيف الطاء، فعلا ماضيا {أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ}؛ أي: حظهم {عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: سبب خيرهم وشرهم في جميع ما ينالهم من خصب وقحط، هو من عند الله تعالى، ليس بسبب موسى ومن معه؛ أي: إن كل ما يصيبهم من خير أو شر فهو بقضاء الله وتقديره، وهو الذي وضع لنظام الكون سننا تكون فيه المسببات وفق أسبابها، وبمقتضى هذه السنن والأقدار ينزل عليها البلاء، ويكون إمتحانا واختبارا لهم، ليتوبوا ويرجعوا عن ظلمهم وبغيهم على بني إسرائيل، وعن طغيانهم وإسرافهم في