للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه، وقد كان وعد الله تعالى إياهم مقرونا بأمرهم بالصبر والاستقامة، كما أمرهم نبيهم عليه السلام مبلغا عن ربه {قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} فمن قابل البلاء بالجزع .. وكله الله إليه، ومن قابله بالصبر .. ضمن الله له الفرج، وقد تم وعد الله تعالى لهم بذلك، ثم سلبهم تلك الأرض بظلمهم لأنفسهم وللناس، ولم يكن من مقتضى الوعد أن يعودوا إليها مرة أخرى.

{وَدَمَّرْنا}؛ أي: دمرنا {ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} في مصر من المباني والقصور التي كانوا يبنونها للمصريين، والمكايد السحرية والصناعية التي كان يصنعها السحرة لإبطال آياته، والتشكيك فيها، كما قال تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ}.

فـ {فِرْعَوْنُ} (١) اسم كان، و {يَصْنَعُ} خبر لـ {كانَ} مقدم؛ أي: وخربنا الذي كان فرعون وقومه يصنعه من المدائن والقصور {وَ} خربنا {ما كانُوا يَعْرِشُونَ}؛ أي: ما كان فرعون وقومه يعرشونه ويرفعونه من الشجر والكروم، أو ما كانوا يرفعونه من البنيان كصرح هامان.

وقرأ (٢) ابن عامر وشعبة وأبو بكر بضم الراء، وباقي السبعة والحسن ومجاهد، وأبو رجاء بكسر الراء هنا، وفي «النحل» وهي لغة الحجاز، وقال الزيدي: هي أفصح، وقرأ ابن أبي عبلة {يعرشون} بضم الياء وفتح العين وتشديد الراء، قال الزمخشري: وبلغني أنّه قرأ بعض الناس {يغرسون} من غرس الأشجار، وما أحسبه إلا تصحيفا.

وأسباب هذا التدمير لتلك المصانع والعروش أمور (٣):

١ - الآيات التي أيد الله تعالى بها موسى من الطوفان والجراد وغيرها، وسمتها التوراة الضربات العشر.

٢ - إنجاء بني إسرائيل، وحرمان فرعون وقومه من استعبادهم في أعمالهم.


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.