تعالى لها من العبادات والأحكام .. ذكر هنا بدء وحي الشريعة لموسى عليه السلام، ممتنا عليهم بما حصل لهم من الهداية، بتكليم موسى وإعطائه التوراة، وفيها تفاصيل شرعهم وبيان ما يقربهم من ربهم من الأحكام، وقد روي أن موسى عليه السلام وعد بني إسرائيل وهو بمصر إن أهلك الله عدوهم .. أتاهم بكتاب من عند الله تعالى فيه بيان ما يأتون وما يذرون، فلما هلك فرعون .. سأل موسى ربه الكتاب، فبينت هذه الآيات كيفية نزول هذا الكتاب وهو التوراة.
قوله تعالى:{سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين في الآيات السالفة ما لحق فرعون وقومه من الهلاك بسبب استكباره وظلمه، وفساده في الأرض .. ذكر هنا سننه تعالى في ضلال البشر بعد مجيء البينات، وتكذيبهم لدعاة الحق والخير من الرسل وأتباعهم، وأبان أن السبب الأول لذلك هو التكبر، فإن من شأن الكبر أن يصرف أهله عن النظر والاستدلال على الحق والهدى، فهم يكونون دائما من المكذبين بالآيات الدالة عليه، ومن الغافلين، كما هي حال الملوك والرؤساء والزعماء الضالين، كفرعون وملئه، وفي هذا إيماء للنبي صلى الله عليه وسلّم بأن الطاغين المستكبرين من صناديد قومه لن ينظروا في دعوته، ولا في آيات القرآن الدالة على وحدانية الله تعالى، بما أقامته عليها من البراهين الكثيرة من آيات كونية، وآيات في الآفاق والأنفس.
وجملة الموانع الصادة لهم عن اتباعه ترجع إلى التكبر، فإنّهم بزعمهم يعتقدون أنهم سادة قريش وكبراؤها وأقوياؤها، فلا ينبغي أن يتبعوا من دونهم سنا وقوة وثروة وعصبية.
قوله تعالى:{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّه سبحانه وتعالى لما ذكر خبر مناجاة موسى لربه، واصطفائه إياه برسالاته وبكلامه، وأمره بأخذ الألواح بقوة .. ذكر هنا ما حدث أثناء المناجاة من اتخاذ قومه بني إسرائيل عجلا مصوغا من الذهب والفضة، ثم عبادته من دون الله تعالى، لما رسخ في نفوسهم من فخامة المظاهر الوثنية الفرعونية في