للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية لما قبلها: أنّ (١) الله سبحانه وتعالى لما أمر خاتم رسله أن يجيب السائلين عن الساعة: بأن علمها عند الله تعالى وحده .. قفى على ذلك بأمر رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يبين للناس أنّ كل الأمور بيده وحده، وأن علم الغيب كله عنده.

وهذه الآية أساس (٢) من أسس الدين وقواعد عقائده، إذ بينت حقيقة الرسالة، وفصلت بينها وبين الربوبية، وهدمت قواعد الشرك، واجتثت جذور الوثنية.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها} قيل: نزلت هذه الآية في بلعم بن باعوراء، وكان قد (٣) حفظ بعض الكتب المنزلة، وقيل: كان قد أوتي النبوة، وكان مجاب الدعوة، بعثه الله إلى مدين يدعوهم إلى الإيمان، فأعطوه الأعطية الواسعة، فاتبع دينهم وترك ما بعث به، فلما أقبل موسى في بني إسرائيل لقتال الجبارين .. سأل الجبارون بلعم بن باعوراء أن يدعو على موسى، فقام ليدعو عليه فتحول لسانه على أصحابه، فقيل له في ذلك؟ فقال: لا أقدر على أكثر مما تسمعون، واندلع لسانه على صدره فقال: قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة، فلم يبق إلا المكر والخديعة، وسأمكر لكم، وإنّي أرى أن تخرجوا إليهم فتياتكم، فإن الله يبغض الزنا، فإن وقعوا فيه هلكوا، فوقع بنوا إسرائيل في الزنا، فأرسل الله عليهم الطاعون، فمات منهم سبعون ألفا، وقيل: إنّ هذا الرجل اسمه باعم، وهو من بني إسرائيل، وقيل: المراد به أمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان قد قرأ الكتب المتقدمة، وعلم أن الله مرسل رسولا في ذلك الوقت، فرجا أن يكون هو ذلك الرسول، فلما أرسل محمد صلى الله عليه وسلّم، وشرفه الله بالنبوة .. حسده وكذبه، وكان أمية صاحب حكمة وشعر ومواعظ حسنة، فقصد بعض الملوك، فلما رجع مر على قتلى بدر فسأل عنهم؟ فقيل له: قتلهم محمد، فقال: لو كان نبيا ما قتل أقرباءه. فلما مات أمية .. أتت أخته فازعة إلى


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني والمراح والخازن.