الصلاة والسلام قربها على الإجمال، وأخبر به، فقد أخرج الترمذي وصححه عن أنس مرفوعا:«بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى، وفي «الصحيحين» عن ابن عمر مرفوعا أيضا «إنما أجلكم فيما مضى قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى غروب الشمس». اه.
فصل في عمر الدنيا
ألف الجلال السيوطي رسالة سماها:«الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف» أخرج فيها عدة أحاديث في أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة، وأن مدة هذه الأمة تزيد على ألف ولا تبلغ الزيادة خمس مئة، وسمى بعضهم الألف الثانية بالألف المخضرمة؛ لأن نصفها دنيا، ونصفها الآخر أخرى، ولا شك أن ما جاء في هذا الباب كله مأخوذ من الإسرائيليات التي كان يبثها زنادقة اليهود والفرس في المسلمين، حتى رووه مرفوعا وقد اغتر بها من لا ينظر في نقد الروايات إلا من جهة أسانيدها، وقد هدمها الزمان وهدم كثيرا مثلها من الأوهام والخرافات، التي أريد بها الكيد للإسلام.
والخلاصة: أنّ القول بتعيين مدة الدنيا من أولها إلى آخرها بسبعة آلاف لم يثبت في نص يعتمد عليه، وإن كانت قد رويت فيه آثار عن السلف، أكثرها مأخوذ عن أهل الكتاب، وفي أسانيدها مقال، قال ابن حزم المتوفى سنة ٤٥٦ هـ: أما نحن فلا نقطع على علم عدد معروف عندنا، ومن ادعى في ذلك سبعة آلاف سنة أو أكثر أو أقل .. فقد قال ما لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيه لفظة تصح، بل صح عنه خلافه، بل نقطع على أنّ للدنيا أمدا لا يعلمه إلا الله تعالى، قال الله سبحانه وتعالى:{ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:«ما أنتم في الأمم قبلكم إلا كالشعر البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض» وهذه نسبة من تدبرها، وعرف مقدار عدد أهل الإسلام، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض، وأنّه الأكبر .. علم أنّ للدنيا أمدا لا يعلمه إلا الله اه.