والمشهور في نسبه أنّه علوي فاطمي من ولد الحسن، وهناك رواية مصرحة بأنّه من ولد العباس، فقد روى الرافعي عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال للعباس:«ألا أبشرك يا عم إنّ من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء، ومنك المهدي في آخر الزمان، به ينشر الله الهدى، ويطفىء نيران الضلالة، إن الله فتح بنا هذا الأمر وبذريتك يختم».
ومن حديث ابن عساكر عنه مرفوعا «اللهم انصر العباس وولد العباس - ثلاثا - يا عم، أما علمت أن المهدي من ولدك موفقا مرضيا». وفي معناهما أحاديث أخرى لأبي هريرة وأم سلمة وعلي، وأكثر العلماء ينكرون هذه الأحاديث، ويقولون: إنها موضوعة لا نصيب لها من الصحة، ومن ثم لم يعتد بها الشيخان، ومن هؤلاء ابن خلدون، فقد ذكر الأحاديث التي وردت في المهدي وضعفها، وضعف أسانيدها، وانتهت به خاتمة المطاف إلى أنّه لم يصح فيه شيء يوثق به، إلى أن قال: إن لله سننا - في الأمم والدول والعمران - مطردة في كل زمان ومكان، كما ثبت في مصحف القرآن وصحف الأكوان، ومنها أن الدول لا تقوم إلا بعصبية، وأن الأعاجم سلبوا العصبية من قريش والعترة النبوية، فإن صحت أخبار هذا المهدي فلا يظهر إلا بعد تجديد عصبية هاشمية علوية، ولو سمعوا وعقلوا لسعوا وعملوا، ولكان استعدادهم لظهور المهدي بالاهتداء بسنن الله رحمة لهم تجاه ما كانوا في أخباره من الفتن والنقم فيهم، وربما أغناهم عن بعض ما يروجون من زعامته، إن لم يغنهم عنه كله.
هذا والمسلمون لا يزالون على ظهور المهدي، ويزعم دهماؤهم أنّه سينقض لهم سنن الله، أو يبدلها تبديلا وهم يتلون قوله تعالى:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
فإذا كان من أشراط الساعة آيات، وكان في زمانها خوارق عادات، فهل يضرهم أن تأتيهم وهم على هدى من ربهم، وإقامة لشرعهم في عزة وسلطان في أرضهم، وكان لكعب الأحبار جولة واسعة في تلفيق تلك الأخبار.
وقد كانت هذه المسألة أكبر مثارات الفساد والفتن في الشعوب الإسلامية،