للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ربهما، لكنهما قصدا إلى أنّه كان سبب نجاته وسلامة أمه. قال كثير (١) من المفسرين: إنّه جاء إبليس إلى حواء وقال لها: إن ولدت ولدا .. فسميه باسمي، فقالت: وما اسمك؟ قال: الحارث، ولو سمى لها نفسه لعرفته، فسمته عبد الحارث، فكان هذا شركا في التسمية، ولم يكن شركا في العبادة، وإنّما قصدت أن الحارث كان سبب نجاة الولد، كما سمى الرجل نفسه عبد ضيفه، كما قال حاتم الطائي:

وإنّي لعبد الضّيف ما دام ثاويا ... وما فيّ إلّا تلك من شيمة العبد

وقرأ (٢) حماد بن سلمة عن ابن كثير: {حَمْلًا}: بكسر الحاء، وقرأ الجمهور: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال الحسن: أي: استمرت به، وقيل: هذا على القلب؛ أي: فمر الحمل بها؛ أي: استمر بها، وقال الزمخشري: فمضت به إلى وقت ميلاده من غير إخراج ولا إزلاق، وقرأ ابن عباس فيما ذكر النقاش، وأبو العالية، ويحيى بن يعمر وأيوب {فَمَرَّتْ بِهِ} خفيفة الراء من المرية؛ أي: فشكت فيما أصابها أهو حمل أو مرض؟. وقيل: معناه استمرت به، لكنهم كرهوا التضعيف فخففوه، نحو: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} فيمن فتح من القرار، وقرأ عبد الله بن عمرو بن العاص والجحدري {فمارت به} بألف وتخفيف الراء؛ أي: جاءت وذهبت وتصرفت به، كما تقول: مارت الريح مورا، ووزنه فعل، وقال الزمخشري: من المرية كقوله تعالى: {أفتمرونه} ومعناه ومعنى المخففة: {فَمَرَّتْ} وقع في نفسها ظن الحمل، وارتابت به، ووزنه فاعل، وقرأ عبد الله {فاستمرت بحملها}. وقرأ سعد بن أبي وقاص وابن عباس أيضا والضحاك: {فاستمرت به}. وقرأ أبي بن كعب والجرمي {فاستمارت به}. والظاهر رجوعه إلى المرية، بني منها استفعل كما بني منها فاعل في قولك: {ماريت}.

وقرىء: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} على البناء للمفعول، وقرأ ابن عباس وأبو جعفر وشيبة وعكرمة ومجاهد، وأبان بن تغلب ونافع وأبو بكر عن عاصم: {شركا}


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.