للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشيطان الرجيم؛ فإنّه سميع لما تقول، عليم بما تحدثك به نفسك، ويجيش به صدرك، فهو سبحانه وتعالى يصرف عنك تأثير نزغه بتزيين الشر.

وقد دلت التجربة على أن الالتجاء إلى الله تعالى، وذكره بالقلب واللسان يصرف عن النفس وسوسة الشيطان، قال تعالى: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)}. والخطاب في الآية وما ماثلها من الآيات موجه إلى كل مكلف يبلغه، وأولهم الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإنّ الشيطان يجد مجالا في حمل الإنسان على ما لا ينبغي في حالة الغضب والغيظ، فأمر الله بالالتجاء إليه، والتعويذ في تلك الحالة، فهي تجري مجرى العلاج لذلك المرض.

فصل (١): واحتج الطاعن في عصمة الأنبياء بهذه الآية

فقالوا: لو كان النبي معصوما .. لم يكن للشيطان عليه سبيل حتى ينزغ في قلبه ويحتاج إلى الاستعاذة منه، والجواب عنه بأوجه:

الأول: أن معنى الكلام: إن حصل في قلبك نزغ من الشيطان .. فاستعذ بالله، وإنّه لم يحصل له ذلك ألبتة، فهو كقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} وهو بريء من الشرك ألبتة.

والوجه الثاني: على تقدير أنّه لو حصل وسوسة من الشيطان، لكن الله عصم نبيه صلى الله عليه وسلّم عن قبولها وثبوتها في قلبه، روى مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال وإياي، إلا أنّ الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير».

قال النواوي: ويروى: (فأسلم) بفتح الميم وضمها، فمن رفع قال: معناه فاسلم من شره وفتنته، ومن فتح قال: معناه أن القرين أسلم من الإسلام، يعني:


(١) الخازن.