{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} وأن لله إرث الأرض، واستخلاف الأمم، والسيادة على الشعوب سننا لا تتبدل، كما قال: {قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)}؛ أي: إن الأرض ليست رهن تصرف الملوك والدول بقدرتهم الذاتية، فتدوم لهم، وإنما هي لله، ولله سنن في سلبها من قوم،
وجعلها إرثا لقوم آخرين، وقد جعل العاقبة للمتقين الذين يتقون أسباب الضعف والتخاذل والفساد في الأرض، ويتصفون بضدها وبسائر ما تقوى به الأمم من الأخلاق والأعمال، كالصبر على المكاره، والاستعانة بالله الذي بيده ملكوت كل شيء وإنا نرى أن بعض الشعوب الإسلامية المستضعفة في هذا العصر باستعمار الشيوعية لها كالشعوب الأرمية في شرقي افريقيا يائسة من استقلالها وعزتها لما ترى من رجحان ذوي السيادة عليها في القوى المادية والسلاحية، جهلا منهم بسنة الله التي بينها للناس؛ فإنّ رجحان فرعون وقومه على بني إسرائيل، كان فوق رجحان قوى السائدين عليهم وقهرهم إياهم، وقد كان ينبغي للمسلمين أن يتقوه تعالى باتقاء كل ما قصه الله عليهم من ذنوب الأمم، التي هلك بها من كان قبلهم، حتى دالت دولتهم، وزال ملكهم، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}(١).
(١) إلى هنا تم ما تيسر لنا جمعه من تفسير سورة الأعراف، في الليلة الرابعة والعشرين من الجمادى الأخيرة، منتصف الليل، في تاريخ ٢٤/ ٦/ ١٤١٠ هـ من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات، وأزكى التحيات .. فالحمد لله على توفيقه، والشكر له على تيسيره، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، حمدا يعدل حمد الملائكة المقربين وجميع عباده الصالحين وصل الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين ... آمين.