وأخرج الإمام أحمد وابن جرير والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم، عن عبادة بن الصامت قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، فأكبت طائفة على المعسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها، فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلّم: لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلّم، وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا، فنزلت:{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ} فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلّم على وفاق بين المسلمين. الحديث هذا لفظ أحمد. ولا تنافي بين السببين، إذ لا مانع أن تكون الآية نزلت في الجميع، والله أعلم.
قوله تعالى:{كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم - ونحن بالمدينة، وبلغه أن عير أبي سفيان قد أقبلت -: «ما ترون فيها لعل الله يغنمناها ويسلمنا؟» فخرجنا فسرنا يوما أو يومين، قال:«ما ترون فيهم» فقلنا: يا رسول الله، ما لنا طاقة بقتال القوم إنما أخرجنا للعير، فقال المقداد: لا تقولوا كما قال موسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ} فأنزل الله عز وجل: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)}. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه.
قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} سبب نزوله: ما أخرجه الإمام أحمد (ج ١/ ص ٣٠) قال: حدثنا أبو نوح قراد، أنبأنا عكرمة عن عمار، حدثنا سماك الحنفي - أبو زميل - حدثني ابن عباس، حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلّم إلى