وظاهر الآية: أن خمس الغنيمة يقسم ستة أقسام، وبه قال أبو العالية وطائفة. ومعنى الآية على هذا القول، أي: واعلموا أيها المؤمنون أن كل ما غنمتموه من الكفار المحاربين ... فاجعلوا أولًا خمسه لله تعالى، ينفق فيما يرضيه تعالى من مصالح الدين العامة؛ كالدعوة للإسلام، وإقامة شعائره، وعمارة الكعبة وكسوتها، ثم أعطوا للرسول من كفايته لنفسه ونسائه مدة سنة، ثم أعطوا منه ذوي القربى الخ. {وَلِذِي الْقُرْبَى}؛ أي: ويصرف خمسٌ لأصحاب قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، من أهله وعشيرته - نسبًا وولاءً - المسلمين، وقد خصَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - هاشم وبني أخيه المطلب، دون بني عبد شمس ونوفل، سواءٌ فيه أغنيائهم وفقرائهم، يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، روى البخاري عن مطعم بن جبير - من بني نوفل - قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان - من بني عبد شمس - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما بنوا المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحدٌ" وسر هذا: أنَّ قريشًا لما كتبت الصحيفة وأخرجت بني هاشم من مكة وحصرتهم في الشعب لحمايتهم له - صلى الله عليه وسلم - .. دخل معهم فيه بنو المطلب، ولم يدخل بنو عبد شمس، ولا بنو نوفل، مع ما كان من عداوة بني أمية بن عبد شمس لبني هاشم في الجاهلية والإِسلام، فقد ظلَّ أبو سفيان يقاتل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويؤلِّبُ عليه المشركين وأهل الكتاب إلى أن أظفر الله رسوله؛ ودانت له العرب بفتح مكة، وكذلك بعد الإِسلام خرج معاوية على علي وقاتله.
{و} خمس يصرف إلى {اليتامى} الفقراء من سائر المسلمين، غير يتامى بني هاشم وبني المطلب، وهم: أطفال المسلمين الذين مات آباؤهم {و} خمسٌ يصرف لـ {المساكين}؛ أي: ذوي الحاجة من المسلمين، من غير بني هاشم وبني المطلب {و} خمس يصرف لـ {ابن السبيل}؛ أي: المنقطع في سفره - المحتاج، ولا معصية بسفره - من المسلمين.
والحكمة في تقسيم الخمس على هذا النحو: أن الدولة التي تدير سياسة