موقع المصدر، لا يكاد يستعمل إلا مضافا، فإذا أفرد عن الإضافة، كان اسما علما للتسبيح، لا ينصرف للتعريف والألف والنون في آخره، نحو: قول الأعشى:
أقول لمّا جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
فجعله علما، فمنعه الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وأما صرفه في قول الآخر:
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به ... وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد
فضرورة، وقوله:{لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا} اعتراف منهم بالعجز عما كلفوه، وإشعار بأن سؤالهم كان استفسارا ولم يكن اعتراضا، إذ معناه {لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا} وألهمتنا بحسب قابليتنا من العلوم المناسبة لعالمنا، ولا قدرة لنا على ما هو خارج عن دائرة استعدادنا، حتى لو كنا مستعدين لذلك، لأفضته علينا، يعنون: أن علمهم علم محدود لا يتناول جميع الأشياء، ولا يحيط بكلّ المسميات، وفيه ثناء على الله بما أفاض عليهم من العلم مع تواضع وأدب، وما في قوله:{إِلَّا ما عَلَّمْتَنا} موصولة، أو موصوفة، ومحلّه رفع على أنه بدل من موضع {لا عِلْمَ} كقولك لا إله إلا الله؛ أي: لا علم لنا إلا العلم الذي علمتناه، أو علما علمتناه.
والمعنى: أي (١) لا معلوم عندنا إلا المعلوم الذي علمتناه من المسميات، فلا علم لنا بأسمائها؛ أي: وإنما قلنا لك: {أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها}؛ لأنك أعلمتنا أنهم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، فقلنا لك ذلك، وأمّا هذه الأسماء، فإنك ما أعلمتنا إياها فكيف نعلمها، ثم أكدوا ما تقدم بقولهم:{إِنَّكَ أَنْتَ} ضمير فصل لا محل له من الإعراب، أو في محل النصب تأكيد لاسم إن {الْعَلِيمُ} الذي أحاط بعلمه كل الأشياء فلا تخفى عليه خافية، وهذه إشارة إلى تحقيقهم لقوله تعالى:{إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ}. {الْحَكِيمُ} في صنعه، المحكم