{وَأَدْبَارَهُمْ}؛ أي: ظهورهم وأقفيتهم. {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} والذوق: قد يكون محسوسًا، وقد يوضع موضع الابتلاء والاختبار، وأصله من الذوق بالفم. والحريق: بمعنى المحرق - فعيل بمعنى مفعل - {لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}؛ أي: بذي ظلم، ففعال صيغة نسب، على حد قول ابن مالك:
{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ}: وفي "المصباح": ثقفت الشيء ثقفًا - من باب تعب - أخذته، وثقفت الرجل في الحرب: أدركته، وثقفته: ظفرت به، وثقفت الحديث: فهمته بسرعة، والفاعل ثقيفٌ، وبه سمي حيٌّ من اليمن اهـ. {فَشَرِّدْ بِهِمْ}؛ أي: نكل بهم تنكيلًا يشرد غيرهم من ناقضي العهد، يقال: شرد إذا فرق وطرد، والمشرد: المفرق المبعد. {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ}: والنبذ: الطرح والرمي. {عَلَى سَوَاءٍ}؛ أي: على طريق واضح، لا خداع فيه ولا خباءة ولا ظلم. {سَبَقُوا}؛ أي: أفلتوا من الظفر بهم {لَا يُعْجِزُونَ}؛ أي: لا يجدون الله عاجزًا عن إدراكهم، بل سيجزيهم على كفرهم.
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ}: الإعداد: تهيئة الشيء للمستقبل. {مِنْ قُوَّةٍ}: والمراد بالقوة: جميع ما يتقوى به في الحرب على العدو، فكل ما هو آلة يستعان به في الجهاد .. فهو من جملة القوة المأمور بإعدادها. {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}: والرباط - بكسر أوله في الأصل -: مصدر سماعي لرابط؛ لأنَّ فعالا لا يكون مصدرًا قياسيًّا إلا إذا كان الفعل يقتضي الاشتراك، كقاتل وخاصم، وهنا ليس كذلك، وفي "السمين": وقال الزمخشري: والرباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن تسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط بمعنى مربوط، كفصيلٍ وفصالٍ، والمصدر هنا مضافٌ لمفعوله اهـ. والرباط والمربط: الحبل الذي تربط به الدابة، ورباط الخيل: حبسها واقتناؤها. وفي "المصباح": ربطته رباطًا من باب ضرب، ومن باب قتل لغة - شددته. والرباط: ما تربط به القربة وغيرها، والجمع ربط، مثل: كتاب وكتب، ويقال للمصاب: ربط الله على قلبه بالصبر، كما يقال: أفرغ الله عليه الصبر؛ أي: ألهمه.