وحاصل معنى الآية: أي وإن يريدوا خيانتك بإظهار الميل إلى الإِسلام والرغبة عن قتال المسلمين .. فلا تخف مما عسى أن يكون من خيانتهم وعودتهم إلى القتال؛ فإنَّهم قد خانوا الله من قبل، فنقضوا الميثاق الذي أخذه الله على البشر بما أقامه على وحدانيته من الدلائل العقلية والكونية، وبما آتاهم من العقل الذي يتدبرون به سنن الله في خلقه، فيمكنك أنت وصحبك منهم بنصرك عليهم ببدر، مع التفاوت العظيم بين قوتك وقوتهم وعددك وعددهم، وهكذا سيمكنك ممن يخونونك من بعد، والله تعالى عليم يعلم ما يضمرونه وما يستحقونه من عقاب، حكيم، يفعل ما يفعل بحسب ما تقتضيه حكمته البالغة، فينصر المؤمنين ويظهرهم على الكافرين، وفي الآية من العبر:
١ - أنه يجب على المؤمنين ترغيب الأسرى في الإيمان, وإنذارهم عاقبة الخيانة إذا ثبتوا على الكفر وعادوا إلى البغي والعدوان.
٢ - أن فيها بشارةً للمؤمنين باستمرار النصر وحسن العاقبة في كل قتال يقع بينهم وبين المشركين ما داموا محافظين على أسباب النصر المادية والمعنوية التي علمت مما تقدم.
وبعد ما ذكر الله سبحانه وتعالى تلك القواعد الخاصة بالحرب والسلم، وما يجب أن يعمل مع الأسرى .. ختم السورة بذكر ولاية المؤمنين بعضهم لبعض بمقتضى الإيمان والهجرة، وما يلزم ذلك، وولاية الكافرين بعضهم لبعض؛ ليعلم كل فريق وليه الذي يستعين به.
وقسم المؤمنين أربعة أقسام، وبين حكم كل من تلك الأقسام ومنزلته من بينها:
١ - المهاجرون الأولون أصحاب الهجرة الأولى قبل غزوة بدر إلى صلح الحديبية.
٢ - الأنصار الذين كانوا بالمدينة، وآووا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين عند