للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسعود، وابن عباس أيضا، وابن جبير. أو التين: قاله بعض الصحابة، وقتادة، ولهذا ابتلاه الحق بلباس ورقها، كما ابتلاه بثمرها، وهو البلاء الحسن، وقيل:

شجرة من أكل منها أحدث. قاله أبو العالية، وقال علي: شجرة الكافور، وقال بعض أهل الكتاب: شجرة الحنظل، وقال أبو مالك: النخلة، والأولى عدم تعينها؛ لعدم ورود النص القاطع فيها.

وقرىء (١): {ولا تقربا} بكسر التاء، وهي لغة عن الحجازيين في فعل يفعل، يكسرون حرف المضارعة التاء والهمزة والنون، وأكثرهم لا يكسر الياء، ومنهم من يكسرها، وقرأ ابن محيصن {هذي} بالياء، وقرأ الجمهور بالهاء وقرىء {الشجرة} بكسر الشين، حكاها هارون الأعور، عن بعض القراء، وقرأ أيضا {الشيرة} بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها، وكره أبو عمرو هذه القراءة وقال: يقرأ بها برابر مكة وسوادنها، وينبغي أن لا يكرهها؛ لأنها لغة منقولة فيها، وقال الأصمعي: نحسبه بين الأنام شيره.

وفي نهي (٢) الله سبحانه آدم وزوجه عن قربان الشجرة دليل: على أن سكناهما في الجنة لا تدوم لأن المخلد لا يؤمر، ولا ينهى، ولا يمنع من شيء.

وقوله: {فَتَكُونا} إما معطوف على تقربا، أو منصوب بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النهي، وهذا هو الأظهر، والتقدير عليه: لا يكن منكما قربان الشجرة فكونكما {مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي: من الذين ظلموا أنفسهم وأضروها بمعصية الله تعالى، أو بإخراجكما من دار النعيم إلى دار الشقاء، أو بالأكل من الشجرة التي نهيتما عنها، أو بالفضيحة في الملأ الأعلى، أو بمتابعة إبليس، أو بترك الأولى. وقال قوم: هما أول من ظلم نفسه من الآدميين. وقال قوم: كان قبلهم ظالمون شبهوا بهم، ونسبوا إليهم، وفي قوله: {فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ} دلالة


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.