وقد ذكر سبحانه الأمور الداعية إلى مخالطة الكفار وحصرها في أربعة:
١ - مخالطة الأقارب، وذكر منهم الآباء والأبناء والإخوان والأزواج, ثم ذكر الباقي بلفظ العشيرة.
٢ - الميل إلى إمساك الأموال المكتسبة.
٣ - الرغبة في تحصيل الأموال وتثميرها بالتجارة.
٤ - الرغبة في الأوطان والدور التي بنيت للسكنى.
وخلاصة ذلك: إن كانت رعاية هذه المصالح الدنيوية أولى عندكم من طاعة الله وطاعة رسوله، ومن المجاهدة في سبيله .. فتربصوا بما تحبون حتى يأتي الله بعقوبة من عنده عاجلة أو آجلة.
وبتفصيل ما تقدم في الآية نجد أنها حوت أمورًا ثمانية من أفضل ما يحب:
١ - حب الأبناء للآباء وهو غريزيٌّ في النفوس، فالولد بضعة من أبيه يرث بعض صفاته وطبائعه، من جسمية وخلقية، وقد كان العرب يتفاخرون بآبائهم في أسواقهم وفي معاهد الحج، كما قال تعالى حاثًّا على ذكره:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}.
٢ - حب الآباء للأبناء وهو غريزيٌّ أيضًا، وحب الوالد للولد أقوى وأبقى من عكسه، فهو يحرص على بقائه كما يحرص على نفسه، أو أشد، ويحرم نفسه كثيرًا من الطيبات إيثارًا له بها في حاضر أمره ومستقبله، ويكابد الأهوال، ويركب الصعاب، ويقوم بتربيته وتعليمه، إذ هو مناط الآمال وزينة الحياة، كما قال تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
٣ - حب الإخوة وهو يلي في المرتبة حب البنوة والأبوة، وهو حب يقتضيه التناصر والتعاون في الكفاح في الحياة والبيوت التي سلمت فطرة أهلها وكرمت أخلاقهم، يحبون إخوتهم كأنفسهم وأولادهم، ويوقرون كبيرهم ويرحمون