قال الألوسي في تفسيره «روح المعاني»: (١) ومما يؤيد هذا الرأي:
١ - أن الله خلق آدم في الأرض؛ ليكون خليفة فيها هو وذريته، فالخلافة منهم مقصودة بالذات، فلا يصح أن يكون وجودهم فيها عقوبة عارضة.
٢ - أنه تعالى لم يذكر أنه بعد خلق آدم في الأرض عرج به إلى السماء، ولو حصل لذكر؛ لأنه أمر عظيم.
٣ - أن الجنة الموعود بها لا يدخلها إلا المؤمنون المتقون، فكيف دخلها الشيطان الكافر للوسوسة.
٤ - أنها دار للنعيم والراحة لا دار للتكليف، وقد كلف آدم وزوجه أن لا يأكلا من الشجرة.
٥ - أنه لا يمنع من فيها من التمتع بما يريد منها.
٦ - أنه لا يقع فيها العصيان والمخالفة؛ لأنها دار طهر لا دار رجس، وعلى الجملة فالأوصاف التي وصفت بها الجنة الموعود بها، ومنها أن عطاءها غير مجذوذ ولا مقطوع، لا تنطبق على جنة آدم.
{وَكُلا مِنْها رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُما}؛ أي: كلا منها أكلا هنيئا من أي مكان شئتما، وأباح لهما الأكل كذلك، إزاحة للعذر في التناول من الشجرة المنهي عنها، من بين أشجارها التي لا حصر لها {وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ} الخ. لم يبين لنا ربنا هذه الشجرة، فلا نستطيع أن نعينها من تلقاء أنفسنا بلا دليل قاطع؛ ولأن المقصود يحصل بدون التعيين، ولكنا نقول إن النهي لحكمة، كأن يكون في أكلها ضرر، أو يكون ذلك ابتلاء من الله لآدم واختبارا له، ليظهر به ما في استعداد الإنسان من الميل إلى معرفة الأشياء واختبارها، ولو كان في ذلك معصية يترتب عليها ضرر.