{مُسْتَقَرًّا} وكأنه قيل: عظيمون درجة، و {عِنْدِ اللَّهِ}: بالمكانة لا بالمكان.
{إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ} استحب كذا وأحبه بمعنى واحد فالسين والتاء فيه زائدتان {الظَّالِمُونَ} والظلم: وضع الشيء في غير موضعه اللائق به؛ لأنهم وضعوا المحبة في غير موضعها {وَعَشِيرَتُكُمْ} والعشيرة (١): الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد، وعشيرة الرجل ذوو قرابته الأدنون الذين يعاشرونه، ومن شأنهم التعاون والتناصر، وهو اسم جمع، وقرأ أبو بكر وحماد:{عشيراتكم} بجمع السلامة، فقال الأخفش: لا تكاد العرب تجمع عشيرة على عشيرات، وإنما يجمعونها على عشائر جمع تكسير {اقْتَرَفْتُمُوهَا} والاقتراف: الاكتساب، يقال: اقترف إذا اكتسب، وأصله اقتطاع الشيء من مكانه، والتركيب يدور على الدنو، والكاسب يدني الشيء من نفسه ويدخله تحت ملكه، والتجارة: الأمتعة التي يشترونها ليربحوا فيها، وكسادها عدم نفاقها، لفوات وقت بيعها، بالهجرة ومفارقة الأوطان، يقال: كسد الشيء كسادًا وكسودًا إذا بار ولم يكن له نَفاق {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا} جمع مسكن، وهو المنزل المتخذ سكنًا، والمراد بها هنا: المنازل التي تعجبهم وتميل إليها أنفسهم، ويرون الإقامة فيها أحب إليهم من المهاجرة إلى الله ورسوله والتربص الانتظار و {أَمْرِه} عقوبته عاجلًا أو أجلًا، كما مر {الْفَاسِقِينَ} وفي "التحرير" الفسق هنا: الكفر، ويدل عليه ما قابله من الهداية والكفر ضلال، والضلال: ضد الهداية، وإن كان ذلك في المؤمنين الذين لم يهاجروا، فيكون الفسق: الخروج عن الطاعة، فإنهم لم يمتثلوا أمر الله تعالى ولا أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات من ضروب البلاغة والفصاحة والبيان والبديع أنواعًا:
فمنها: التحضيض المضمن معنى التوبيخ في قوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ} وهو