في أهم أوامر الحرب، وهو حماية الرماة لظهورهم، وكما في حنين من الهزيمة في أثناء المعركة والنصر التام في آخرها.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}؛ أي: ولقد نصركم الله سبحانه وتعالى أيضًا يوم قتالكم مع هوازن، في وادي حنين، فهوازن قبيلة حليمة السعدية، مرضعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحنين اسم واد بين مكة والطائف، بينه وبين مكة ثمانية عشر ميلًا، وذلك لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقد بقيت أيام من شهر رمضان .. خرج في شوال، في تلك السنة، وهي سنة ثمان من الهجرة، متوجهًا إلى حنين لقتال هوازن وثقيف، والظرف في قوله:{إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ}؛ أي: إذ أفرحت وبشرت أنفسكم {كَثْرَتُكُمْ}؛ أي: كثرة عددكم وعُددكم بدل من يوم؛ أي: نصركم يوم حنين إذ أعجبت أنفسكم كثرة عددكم وعُددكم، إذ كنتم اثني عشر ألفًا، عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار الذين فتحوا بمكة، وألفان من الطلقاء، وهم الأسراء الذين أخذوا يوم فتح مكة وأطلقوا، وهم أسلموا بعد فتح مكة في هذه المدة القليلة، وكان الكفار من هوازن وثقيف أربعة آلاف فقط، ومعهم أمداد من سائر العرب، فقال قائل منكم - قيل اسمه سلمة بن سلامة الأنصاري - افتخارًا بكثرتكم: لن نغلب اليوم من قلة؛ أي: من أجلها؛ أي نحن كثيرون فلا نغلب، فأحزنت تلك الكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت الهزيمة عليكم؛ أي: فكانت الهزيمة عقوبة لكم على هذا الغرور والعجب، وتربيةً للمؤمنين حتى لا يغتروا بالكثرة مرةً أخرى {فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ}، أي: فلم تدفع عنكم كثرتكم {شَيْئًا} من عار الغلب والهزيمة ولم تفدكم في مقاومة العدو {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ} الواسعة من شدة الخوف {بِمَا رَحُبَتْ}؛ أي: مع رحبها وسعتها، فالباء (١) بمعنى مع، و {ما} مصدرية والمعنى: إن الأرض مع كونها واسعة الأطراف ضاقت عليكم بسبب ما حل بكم من الخوف والوجل، فلم تجدوا وسيلةً للنجاة إلا الهرب والفرار من العدو {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ}؛ أي: انهزمتم حالة كونكم {مُدْبِرِينَ}؛ أي: مولين أدباركم جاعلين لها إلى جهة عدوكم، لا تلوون على شيء، وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثبت