للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه الآية لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر أنواعًا من قبائح أهل الشرك، وأهل الكتاب .. ذكر أيضًا نوعًا منه، وهو تغيير العرب أحكام الله تعالى؛ لأنه حكم في وقت بحكم خاص، فإذا غيروا ذلك الوقت .. فقد غيروا حكم الله تعالى، وهذه الآيات (١) عود على بدء إلى الكلام في أحوال المشركين، وقد كان الكلام في قتال أهل الكتاب {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} من قبيل الاستطراد، اقتضاه ما قبله، وهو حكم قتال المشركين ومعاملتهم.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (٢): أن الكلام السابق في حكم القتال مع اليهود وبيان حقيقة أحوالهم، من خروجهم من هداية الدين في العقائد والأعمال، والفضائل التي تهذب النفوس وتزكيها، والكلام هنا في غزوة تبوك، والمراد بها: قتال الروم وأتباعهم من عرب الشام، وجميعهم نصارى، وبهذا استبان ارتباط الآيات بما قبلها.

قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما توعد من لم ينفروا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتثاقلوا حين استنفرهم، وضرب لهم من الأمثال ما ضرب .. أتبعه بالأمر الجزم الذي لا هوادة فيه، فأوجب النفير العام على كل فرد، فلا عذر لأحد في التخلف، وترك الطاعة.

قوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما رغبهم في الجهاد في سبيل الله، وبين أن فريقًا منهم تباطؤوا وتثاقلوا .. أردف ذلك ببيان أن فريقًا منهم تخلفوا عنه، مع ما تقدم من الوعيد والحث على الجهاد، وطفقوا ينتحلون الأعذار الواهية، ويستأذنوه - صلى الله عليه وسلم - في القعود والتخلف ليأذن لهم.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.