للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لاَ تَخْشَ شَيْئًا فَإِنَّ اللهَ ثَالِثُنَا ... وَقَدْ تَكَفَّلَ لي مِنْهُ بِإِظْهَارِ

وَإنَّمَا كَيْدُ مَنْ تَخْشَى بَوَادِرَهُ ... كَيْدُ الشَيَاطِيْنِ قَدْ كَادَتْ لِكُفَّارِ

وَاللهُ مُهْلِكُهُمْ طُرًّا بِمَا صَنَعُوْا ... وَجَاعِلُ الْمُنْتَهَى مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ

وخلاصة ذلك (١): إن لا تنصروه بالنفر لما استنفركم له .. فإن الله قد ضمن له النصر، فهو ينصره كما نصره في الوقت الذي اضطرّه المشركون إلى الهجرة، حين كان ثاني اثنين في الغار، وكان صاحبه قد ساوره الحزن، فقال له: لا تحزن إن الله معنا، ونحن لا نكلف أكثر مما فعلنا من الاستخفاء.

{فَأَنزَلَ اَللهُ} سبحانه وتعالى {سَكِيِنَتَهُ}؛ أي: طمأنينته التي يسكن عندها القلب {عَلَيْهِ}؛ أي: على رسوله، وقيل: على صاحبه أبي بكر؛ لأن الرسول معصوم عن الخوف {وَأَيَّدَهُ}؛ أي: قواه {بجُنُودٍ} من عنده {لَّمْ تَرَوْهَا} وهم الملائكة الذين أنزلهم يوم بدر والأحزاب وأُحد، وقيل: بل هم ملائكة أيده بهم في حال الهجرة، يسترونه هو وصاحبه عن أعين الكفار، ويصرفونها عنهما، فقد خرج والشبان المتواطؤون على قتله وقوف ولم ينظروه.

وهذه (٢) الجملة معطوفة على جملة {نَصَرَهُ اَللهُ} {وَجَعَلَ} الله سبحانه وتعالى {كَلِمَةَ اَلَّذِينَ كَفَرُواْ}؛ أي: كلمة الشرك وهي دعوتهم إليه ونداؤهم للأصنام هي {السَّفْلى}؛ أي: السافلة الحقيرة الزاهقة المنمحقة المضمحلة {وَكَلِمَةُ اَللهِ} وهي دينه المبنيُّ على أساس توحيده تعالى، والمشتمل على الأحكام والآداب الفاضلة، والخالي من شوائب الشرك، وخرافات الوثنية، أو كلمة لا إله إلا الله، وكلمة الدعوة إلى الإِسلام {هِيَ اَلعُلْيَا}؛ أي: العالية الظاهرة بظهور نور الإِسلام وإزالة سيادة المشركين في تلك الجزيرة بعد كفاح طويل دارت فيه الدائرة عليهم {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} وأتى بضمير الفضل تأكيدا لفضل كلمته في العلو وإشعارًا بأنها المختصة به دون غيرها.


(١) المراغي.
(٢) المراح.