النار، فكأنه حذف من الجملة الأولى شيء أثبت نظيره في الجملة الثانية، ومن الثانية شيء أثبت نظيره في الجملة الأولى، فصار نظير قول الشاعر:
وإني لتعروني لذكراك هزّة ... كما انتفض العصفور بلّله القطر
انتهى.
وفي هاتين الآيتين (١)، دلالة على أن الجنة في جهة عالية، دل عليه قوله:{اهْبِطُوا مِنْها} وأن متّبع الهدى مأمون العاقبة، لقوله تعالى فلا خوف. إلخ. وأن عذاب النار دائم، والكافر مخلد فيه، وأن غيره لا يخلد فيه بمفهوم قوله تعالى:{هُمْ فِيها خالِدُونَ} فإنه يفيد الحصر. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، وصححه، والبيهقي عن أبي أمامة الباهلي: أن رجلا قال: يا رسول الله! أنبيّ كان آدم؟ قال: نعم. قال: كم بينه وبين نوح. قال: عشرة قرون. قال: كم بين نوح وبين إبراهيم. قال: عشرة قرون. قال: يا رسول الله! كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. قال: يا رسول الله! كم كانت الرسل في ذلك؟ قال: ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا.
{وَإِذْ} الواو استئنافية {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان في محل النصب على الظرفية مبني على السكون؛ لشبهه بالحرف شبها افتقاريا، والظرف متعلق بمحذوف جوازا، تقديره: واذكر يا محمد لأمتك قصة إذ قال ربك .. إلخ.
والجملة المحذوفة مستأنفة {قالَ رَبُّكَ} فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لإذ {لِلْمَلائِكَةِ} جار ومجرور متعلق بقال {إِنِّي} ناصب واسمه، إن حرف نصب وتوكيد مبني بفتحة مقدرة على الأخير منع