للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسرعين، كالفرس الجموح، لا يردهم شيء عن ذلك.

وإنما وصفهم الله سبحانه وتعالى بتلك الأوصاف؛ لأنهم إنما أقاموا بين أظهر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كفرهم ونفاقهم وعداوتهم لهم؛ لأنهم كانوا بين عشيرتهم وفي دورهم وأموالهم، ولم يقدروا على ترك ذلك وفراقه، فصانعوا القوم بالنفاق، ودافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأولادهم بإخفاء الكفر، ودعوى الإيمان، وفي أنفسهم ما فيها من البغض لرسول الله، ولأهل الإيمان به، وبالغ الحقد عليهم.

وعبارة "زاده" هنا: أي إنهم (١) وإن كانوا يحلفون لكم أنهم منكم، إلا أنهم كاذبون في ذلك وإنما يحلفون خوفًا من القتل، ولو استطاعوا ترك دورهم وأموالهم والالتجاء إلى بعض الحصون والغيران، والسروب التي تحت الأرض، لدخلوه تسترًا عنكم واستكراهًا لرؤيتكم ولقائكم، انتهت.

وقرأ الجمهور: {مُدَّخَلًا} وأصله مدتخل، مفتعل، من ادَّخل، وهو بناء تأكيد ومبالغةٍ، ومعناه: السرب والنفق في الأرض كما مر وقال النحاس: الأصل فيه متدخلٌ، قلبت التاء دالًا، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق ومسلمة بن محارب وابن محيصن ويعقوب وابن كثير بخلاف عنه {مُدَّخَلًا} بفتح الميم من دخل الثلاثي. وقرأ محبوب عن الحسن: {مُدَّخَلًا} بضم الميم من أدخل الرباعي، وروي ذلك عن الأعمش وعيسى بن عمر، وقرأ قتادة وعيسى بن عمر والأعمش {مُدَّخَلًا} بتشديد الدال والخاء معا، أصله متدخَّلٌ، فأدغمت التاء في الدال وقرأ أبي {مُندَخلًا} بالنون من إنْدخَل، وقال أبو حاتم قراءة أُبيٌّ {مُتْدَخَّلًا} بالتاء وقرأ الأشهب العقيلي {لوالوا إليه}؛ أي: لتابعوا إليه، وسارعوا، وروى ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل، عن أبيه عن جده، وكانت له صحبةٌ أنه قرأ: {لوالوا إليه} من الموالاة، وأنكرها سعيد بن مسلم، وقال: أظنها {لَوألوا} بمعنى للجؤوا إليه، وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي: وهذا مما جاء فيه


(١) زاده.