وقد حث الله سبحانه وتعالى كثيرًا على السير في الأرض والضرب فيها، كما قال:{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} وعلى السفر والسياحة لطلب الرزق الحلال من تجارة وغيرها. وفسر بعضهم السياحة بالصوم لما روي عن عائشة - رضي الله عنها -: "سياحة هذه الأمة الصيام؛ لأن الصوم يعوق عن اللذات كما أن السياحة كذلك غالبًا. وقال الأزهري، قيل للصائم، سائح؛ لأن الذي يسيح في الأرض كان متعبدًا لا زاد معه، فكان ممسكًا عن الأكل، وكذلك الصائم ممسك عن الأكل. وقيل: أصل السياحة استمرار الذهاب في الأرض، كالماء الذي يسيح، والصائم مستمر على فعل الطاعة وترك المنهي.
٥ - ٦ {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} في صلواتهم المفروضة، وخُصَّا بالذكر لما فيهما من الدلالة على التواضع والعبودية والتذلل لله سبحانه وتعالى. والمراد بهم، المصلون وإنما عبر عن الصلاة بالركوع والسجود لأنهما معظم أركانها وبهما يتميز المصلي من غير المصلي، بخلاف حالة القيام والقعود لأنما يكونان للمصلى ولغيره.
٧ - {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} شرعًا، يعني: يأمرون الناس بالإيمان باللهِ وحده، وما يتبعه من أعمال البر والخير.
٨ - {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} شرعًا، الذين ينهون الناس عن الإشراك بالله، وعن غيره من سائر الأعمال السيئة.
ولم يذكر في الآية لهذه الأوصاف متعلقًا، فلم يقل: التائبون من كذا لله، والعابدون لله لفهم ذلك، إلا صفتي الأمر والنهي مبالغةً في ذلك، ولم يأت بعاطف بين هذه الصفات لمناسبة بعضها لبعض، إلا في صفتي الأمر والنهي لتباين ما بينهما، فإن الأمر طلب فعل، والنهي طلب ترك أو كف، وكذا الحافظون عطفه وذكر متعلقة لعدم مناسبته للصفات السابقة، ولخفاء متعلقة، اهـ "سمين".
وقال الخازن: أما دخول الواو في قوله: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فإن