وأمر بكينونتهم مع الصادقين، وأفضل الصادقين رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ثم المهاجرون والأنصار .. اقتضى ذلك موافقة الرسول وصحبته، أنى توجه من الغزوات والمشاهد، فعوتب العتاب الشديد من تخلف عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، في غزوة تبوك، واقتضى ذلك الأمر بصحبته، وبذل النفوس دونه.
قوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن هذه الآية جاءت متممة لأحكام الجهاد، مع بيان حكم العلم والتفقه في الدين، من قبل أنه وسيلة للجهاد بالحجة والبرهان، وهو الركن الركين في الدعوة إلى الإيمان، وإقامة دعائم الإِسلام، ولم يشرع جهاد السيف إلا ليكون حمايةً وسياجًا لتلك الدعوة من أن تلعب بها أيدي المعاندين والمعتدين من الكافرين والمنافقين.
وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن كلا النفيرين هو في سبيل الله، وإحياء دينه، هذا بالعلم، وهذا بالقتال، انتهى.
قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (١) لما حض المؤمنين على التفقه في الدين، وحرض على رحلة طائفة من المؤمنين فيه .. أمر تعالى المؤمنين كافة بقتال من يليهم من الكفار، فجمع من الجهاد جهاد الحجة وجهاد السيف. وقال بعض الشعراء في ذلك:
وعبارة المراغي هنا: مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أمر فيما سبق بقتال المشركين كافة .. أرشدهم في هذه الآية إلى طريق السداد في هذا الباب، وهو أن يبدؤوا بقتال من يليهم، ثم ينتقلوا إلى الأبعد فالأبعد، وهكذا، وقد فعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته كذلك، فقد حارب قومه ثم انتقل إلى غزو سائر العرب ثم إلى غزو الشام، ولما فرغ صحابته من الشام دخلوا العراق، وكذلك