للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المنفرد بالأولوهية؛ أي: فالله سبحانه وتعالى هو كافيَّ من شرهم، فإنه يعينك عليهم ويكفيك أمر توليهم، وما يتبعه من عداوتهم وصدهم عن سبيله فقد بلغت وما قصرت، {لَا إِلَهَ}؛ أي: لا معبود بحق ولا حافظ ولا ناصر {إِلَّا هُوَ} سبحانه وتعالى؛ أي: لا معبود سواه ألجأ إليه بالدعاء والإعانة، وهو الكافي والمعين، {عَلَيْهِ} سبحانه وتعالى لا على غيره، {تَوَكَّلْتُ} واعتمدت، وإليه أموري فوضت لا إلى غيره، فلا أكل أمري فيما عجزت عنه إلى غيره، {وَهُوَ} سبحانه وتعالى، {رَبُّ الْعَرْشِ}؛ أي: مالك وخالق العرش، {الْعَظِيمِ} وصفه بالعظم؛ لأنه أعظم المخلوقات، ولأجل عظمه خصه بالذكر، مع أن الله سبحانه وتعالى رب كل شيء، فذكره أمدح للباري. وقد قرأ (١) الجمهور: {العظيمِ} بالجر على أنه صفة للعرش، ومعنى عظمه، كبر جرمه واتساع جوانبه. وقرأ ابن محيصن: {العظيم} برفع الميم على أنه صفة لرب. وقد رويت هذه القراءة عن ابن كثير. ومعنى عظمه تعالى، تنزهه عن جميع النقائص واتصافه بجميع الكمالات. وقال أبو (٢) بكر الأصم: وهذه القراءة أعجب إليّ؛ لأن جعل العظيم صفةً لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش، اهـ والعرش (٣)، مركز تدبير أمور الخلق، كما قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} وعظمته بعظمة الرب الذي استوى عليه، وعظمة الملك الكبير الذي هو مركز تدبيره، وعظمة العرش والملك في الملأ الأعلى، وفيما دونه، هي مظهر عظمة الله سبحانه وتعالى. ودليل على أنه وحده الإله الحق، الذي لا ينبغي أن يعبد غيره، ولا يتوكل على سواه وهو المالك للعالم كله والمدبر لهم.

روى (٤) أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم، عن زيد بن ثابت، في جمع القرآن وكتابته في عهد أبي بكر، أنه قال: حتى وجدت من سورة التوبة آيتين عند خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...} إلى آخرها، يريد أنه لم يجدهما مكتوبتين عندما جمع المكتوب


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) المراغي.