للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ أبو الدرداء وأم الدرداء (١): {فِي الْفُلْكِيِّ} بزيادة ياء النسب، وخرج ذلك على زيادتها، كما زادوها في الصفة، في نحو أحمري وزواري. وقيل: إنه صفة لموصوف محذوف، تقديره: في اللج الفلكي؛ أي: في اللج، الذي لا تجري السفن إلا فيه، واللج الماء الغمر العميق. وحتى غاية للتسيير في البحر.

قال صاحب (٢) "الكشاف": فإن قلت: كيف جعل الكون في الفلك غايةً للتسيير في البحر، والتسيير في البحر إنما هو بعد الكون في الفلك؟

قلت: لم يجعل الكون في الفلك غايةً للتسيير، ولكن الغاية مضمون الجملة الشرطية، الواقعة بعد حتى بما في حيزها، كأنه قيل: يسيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثة، وكان كيت وكيت من مجيء الريح العاصف، وتراكم الأمواج، وظن الهلاك والدعاء بالإنجاء. اهـ. وجواب إذا هو جاءتها.

فعلم أن الغاية: هي مضمون (٣) الجملة الشرطية بكمالها، فالقيود المعتبرة في الشرط ثلاثة:

أولها: الكون في الفلك.

والثاني: جريها بهم بالريح الطيبة، التي ليست بعاصفة.

وثالثها: فرحهم.

والقيود المعتبرة في الجزاء ثلاثة أيضًا:

الأول: جاءتها.

والثاني: وجاءهم الموج.

والثالث: ظنوا.

وقوله: {دَعَوُا اللهَ}، بدل من ظنوا بدل اشتمال، أو مستأنف مبني على سؤال، ينساق إليه الذهن، كأنه قيل: فماذا صنعوا؟ فقيل: دعوا الله إلخ.


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.
(٣) الشوكاني.