للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الزكاة الواجبة في أموالكم، وأدوها إلى مستحقيها، كزكاة المؤمنين، فإن غيرها ك: لا زكاة. والزكاة: من زكى الزرع إذا نمى، فإنّ إخراجها يستجلب بركة في المال، ويثمر للنفس فضيلة الكرم، أو من الزكاة بمعنى الطهارة، فإنها تطهّر المال من الخبث، والنّفس من البخل {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}؛ أي: صلوا الصلوات الخمس مع المصلين محمد وأصحابه في جماعتهم، فإنّ صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة؛ لما فيها من تظاهر النّفوس، فإن الصلاة كالغزو والمحراب كمحل الحرب ولا بد للقتال من صفوف الجماعة، فالجماعة قوّة.

وخصّ الله سبحانه وتعالى الركوع بالذكر؛ تحريضا لليهود على الإتيان بصلاة المسلمين، فإن اليهود لا ركوع في صلاتهم، فكأنّه تعالى قال: صلّوا الصلاة ذات الركوع في جماعة. وقيل: لكونه ثقيلا على أهل الجاهلية. وقيل:

إنه أراد بالركوع جميع أركان الصلاة، والركوع الشرعيّ: هو أن ينحني المصلّي، ويمدّ ظهره وعنقه، ويفتح أصابع يديه، ويقبض على ركبتيه، ثم يطمئن راكعا ذاكرا بالذكر المشروع فيه.

والخلاصة (١): أنه سبحانه وتعالى، بعد أن دعا بني إسرائيل إلى الإيمان، أمرهم بصالح عمل على الوجه المقبول عند الله، فطلب إليهم إقامة الصلاة؛ لتطهّر نفوسهم، كما طلب إليهم إيتاء الزكاة التي هي: مظهر شكر الله على نعمه، والصلة العظيمة بين الناس؛ لما فيها من بذل المال لمواساة عيال الله، وهم الفقراء؛ ولما بين الناس من تكافل عام في هذه الحياة، فالغنيّ في حاجة إلى الفقير، والفقير في حاجة إلى الغني، كما ورد في الحديث «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا».

وبعد (٢) إذ أمرهم بالركوع مع الراكعين؛ أي: أن يكونوا في جماعة المسلمين ويصلّوا صلاتهم، وقد حثّ على صلاة الجماعة؛ لما فيها من تظاهر النفوس عند مناجاة الله، وإيجاد الألفة بين المؤمنين؛ ولأنه عند اجتماعهم


(١) المراغي.
(٢) المراغي.