للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) ما جرى لفرعون وأتباعه من الهلاك، ذكر ما أحسن به لبني إسرائيل، وما امتن به عليهم، إذ كان بنو إسرائيل قد أخرجوا من مساكنهم خائفين من فرعون، فذكر تعالى أنه اختار لهم من الأماكن أحسنها، والظاهر أن بني إسرائيل هم الذين كانوا آمنوا بموسى، ونجوا من الغرق، وسياق الآيات لشهد لهم.

وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر خاتمة فرعون (٢) وجنوده .. قفى على ذلك بذكر عاقبة بني إسرائيل، وفي هذا عبرة لمكذبي محمَّد، - صلى الله عليه وسلم -، والجاحدين من قومه المغترين بقوتهم وكثرتهم وثروتهم، فقد كان فرعون وقومه أكثر منهم عددًا، وأشد قوة، وأوفر ثروة، وقد جعل الله سننه في المكذبين واحدةً، ففكروا أيها المكذبون في عاقبة أمركم، وتدبروا مليًّا خوف أن يحل بكم مثل ما حل بهم، وها هو ذا أهلك أكثر زعمائهم، وجعل العاقبة لأتباعه المؤمنين، وأعطاهم أعظم ملك في العالمين.

قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما قص (٣) قصص الأنبياء السالفين، وما لا قوه من أقوامهم، من العناد والجحود والاستكبار والعتو، وفي كل حال كان النصر حليف المؤمنين، والخذلان نصيب الظالمين .. أردف ذلك بذكر صدقه فيما قال: ووعد وأوعد، وكون ذلك سنّة الله في المكذبين قبل، وسيكون ذلك فيهم من بعد، وليس في هذا سبيل للافتراء والشك، وقد ساق ذلك بطريق التلطف في الأسلوب، فوجه الكلام إلى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، والمراد قومه، فجاء على نحو قولهم: إياك أعني واسمعي يا جارة، وقد جاء مثل هذا في قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ}.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.