للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقتلون بالتشديد مكان يذبحون، والذبح: القتل، ويذبحون بدل من يسومونكم، بدل الفعل من الفعل، نحو قوله تعالى: {يَلْقَ أَثامًا يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ} وقول الشاعر:

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا

ويحتمل أن يكون ممّا حذف منه حرف العطف؛ لثبوته في (سورة إبراهيم) وقول من ذهب إلى أنّ الواو هناك زائدة لحذفها هنا ضعيف، ويجوز أن يكون يذبحون في موضع الحال من ضمير الرفع في يسومونكم، ويجوز أن يكون مستأنفا كما مرّ {وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ}؛ أي: يستبقون بناتكم ويتركونهن حيّات؛ استبقاء للخدمة، وذكر النساء، وإن كانوا يفعلون هذا بالصغائر؛ لأنه سماهن باسم المآل؛ لأنهم إذا استبقوهن صرن نساء بعد البلوغ؛ ولأنهم كانوا يستبقون البنات مع أمهاتهن، والاسم يقع على الكبيرات، والصغيرات عند الاختلاط.

وذلك (١) أنّ فرعون رأى في منامه، كأنّ نارا أقبلت من بيت المقدس، فأحاطت بمصر، وأخرجت كل قبطيّ بها، ولم تتعرض لبني إسرائيل، فهاله ذلك، وسأل الكهنة والسحرة عن رؤياه، فقالوا: يولد في بني إسرائيل غلام، يكون على يده هلاكك وزوال ملكك، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، وجمع القوابل، فقال لهن: لا يسقط على أيديكن غلام يولد في بني إسرائيل إلا قتل، ولا جارية إلا تركت، ووكل القوابل، فكن يفعلن ذلك حتى قيل: إنه قتل في طلب موسى عليه السلام اثنا عشر ألف صبيّ، وتسعون ألف وليد، وقد أعطى الله نفس موسى عليه السلام، من القوة على التصرف، ما كان يعطيه أولئك المقتولين لو كانوا أحياء، ولذلك كانت معجزاته ظاهرة باهرة، ثم أسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل، فدخل رؤوس القبط على فرعون، وقال: إن الموت وقع في بني إسرائيل، فتذبح صغارهم، ويموت كبارهم، فيوشك أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة، ويتركوا سنة، فولد هارون عليه السلام في السنة التي لا


(١) روح البيان.