من الصياح، وهو الصوت الشديد. يقال: صاح يصيح صياحًا؛ أي: صوَّت بقوة، اهـ "سمين". {جَاثِمِينَ}؛ أي: ساقطينَ على وجوههم مصعوقينَ لم يَنْجُ منهم أحدٌ، وجثومهم سُقُوطُهم على وجوههم، أو الجُثُوم: السكونُ: يقال للطير: إذا باتت في أوكارها .. جَثَمَتْ، ثم إن العرَبَ أطلقوا هذا اللفظَ على مَا لا يتحرك من الموت. قال في "بحر العلوم" يقال: الناسُ جثم أي قعود لا حرَاكَ بهم. وفي "المصباح": جثم الطائر، والأرنب يجثمُ من بابي دَخل، وجلس جُثُومًا، وهو كالبروك من البعير، والفاعل جَاثِم وجثام مبالغة، اهـ. {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} يقال: غنيت بالمكان إذا أتيتَه وأقمتَ فيه. وفي "المختار": وغَنِي بالمكان إذا أَقَام به، وبابه صَدِيَ، اهـ. والمَعنى: المنزلُ، والمقام الذي يقيم فيه الحي، يقال: غني الرجلُ بمكان كذا؛ أي: أقام به، وغَنيَ أي عاش.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة، وضروبًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجازُ المرسل في قوله: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}؛ لأنَّ المرادَ بالسماءِ المطر، فهو من إطلاق المحل، وإرادة الحال؛ لأنَّ المطر ينزل من السماء.
ومنها: المبالغة في {مِدْرَارًا} لأن مفعالَ من صيغ المبالغة؛ ومنها: الجناس المماثل في قوله: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا}.
ومنها: التعجيز في قوله: {فَكِيدُونِي} لأنَّ المرادَ من هذا الأمر التعجيز.
ومنها: الكناية في قوله: {إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}؛ لأنَّ الأخذَ بالناصية عبارة عن الغلبة والقهر، أو فيه استعارة تمثيليَّة، شبَّهَ الخلقَ، وهم في قبضة الله، وملكه وتحت قهره وسلطانه، بالمالك الذي يقودَ المقدورَ عليه بناصيته، كما يقاد الأسيرُ والفرس بناصيته.