للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلام إيَّاهم بعبادة الله وحده المتضمن لنهيهم عن عبادة الأوثان، وقوله: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} جواب عن أمره بإيفاء الحقوق، ونهيه عن البخس والنقص والعثي، معطوف على (ما) في قوله: {مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} و (أو) بمعنى (الواو) لأنَّ ما كَلَّفهم به شعيب، هو مجموع الأمرين: لا أحَدَهما. والمعنى: أي (١): أو أن نترك فِعلَنا ما نشاء في أموالِنا من التصرفات من التطفيف، وغيره من التنمية، والاستغلال، والتصرف في الكسب بما نستطيع من الحذق، والاحتيال، والخديعة، فما ذاك إلا حَجْزٌ على حريتنا، وتَحَكُّمٌ في إرادتنا، وذكائنا.

والخلاصة: أنهم رَدُّوا عليه الناحِيَتَيْنِ الدينية، والدنيوية بما رأوا مِنْ شُبَهٍ مزيفة، وحجج عفنةٍ، والمعنى: أصلاتك تَأمُرَكَ أن نتركَ ما يعبدُ آباؤنا، وتأمركَ أن نترُكَ فِعْلَنَا في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والنقص والزيادة. وقال بعضهم: كان (٢) يَنْهَاهم عن تقطيع أطراف الدراهم والدنانير، وقصها فأرادوا به ذلك، والمعنى ما نشاءُ من تقطيعها.

فائدة: واعلم أنَّ أوَّلَ من استخرج الحديد، والفضة، والذهب من الأرض (هَوشنَكُ) في عصر إدريس عليه السلام، وكان ملكًا صالحًا داعيًا إلى الإِسلام وأول مَنْ وضع السكَّةَ على النقدين. (الضحاك). وإفسادُ السكة بأيِّ وجهٍ كان إفسادًا في الأرض، وسئل الحجاج عما يرجو به النجاةَ فذكر أشياء، منها: ما أفسدت النقود على الناس.

وقرأ الجمهور: أصلواتك بالجمع. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص، وابن وثاب (٣): {أَصَلَاتُكَ} على التوحيد. وقرأ (٤) الجمهور: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} بالنون فيهما كما فسرناه سابقًا. وقرأ الضحاك بن قيس


(١) المراغي.
(٢) روح المعاني.
(٣) البحر المحيط وزاد المسير.
(٤) البحر المحيط.