الآيات لما قبلها: أن الله سبحانَه وتَعالى لما ذكر (١) وَصِيَّة العزيز لامرأته بإكرام مثواه، وعَلَّلَ ذلك بحُسن الرَّجاء فيه، ثم بَيَّن عنايتَه سبحانَه به وتمهيدَ سبل كماله بتمكينه في الأرض، ذَكَرَ هنا مراودةَ امرأته له، ونظرها إليه بغير العينِ، التي نَظَرَ بها زَوْجُها إليه، وأرَادَتْ مِنه غير ما أراده هو، وما أرَادَ الله من فَوْقِهِمَا، وأعدت العُدَّةَ لِذلكَ فغَلَّقَتْ الأبوابَ، فهرب منها إلى باب المخْدَع، فقدَّتْ قَمِيصَه من خَلْف، ووَجَدَا زَوْجَها بالباب الخارجي، فبادرَت إلى اتهامه بإرادة السوء إلى أن استبانت براءته.
قوله تعالى:{قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ...} الآيات، مناسبتُها لما قبلها، بعد أن ذكر سبحانه في الآيات السابقة مخَادَعَتَها ليوسُفَ عن نفسه، وتغليقَها الأبواب، وهرَبه منها إلى الباب، وجَذْبِهَا لقميصه، ورؤيةِ سَيِّدها لذلك الحادث، واتهامها لِيُوسُفَ بإرادة السوء منها. ذكر هنا تبرئةَ يوسف لنفسه، وحكم قريبِها في القضية بعد بحث وتشاور بين زوجها وأهلها، ثمَّ علم الزوج ببراءةِ يُوسُفَ وثبوتِ خطيئتها.
قوله تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ...} الآيات، ناسبتها لما قبلها: بعد أن ذكر سبحانه تحقيقَ زوجها في الحادث، وحكم أحد أقاربها بما رَأى وقد استبانَ منه براءةَ يُوسُفَ، ذكر هنا أنَّ الأَمْرَ قد استفاض في بيوت نساء الوزراء، والكُبراء، فأحْبَبْنَ أن يَمْكُرْنَ بها لِتُرِيَهن هذا الشابَّ الذي فتنها جماله، وأذلَّها عَفَافُهُ وكماله حتَّى راودَتْه عن نفسه وهو فَتَاها، ودَعَتْهُ إلى نفسها فردَّها وأَبَاهَا خشيةَ لله، وحفظًا لأمانة السيد المحسن إليه، أن يَخُونَه في أعز شيء لديه، علَّه بعد هذا يَصْبُو إليهن، ويَجْذِبُه جمالهن، ويكون له فيهن رَأيٌ غير ما رآه فيها، فإنه قد ألِفَ جَمَالها قبل أن يَبْلُغ الأشدَّ، وكان يَنْظُرَ إليها نظرةَ العبدِ إلى سيدته، أو الولد إلى والدته.