فيقال: السلامُ على حضرته المباركة، ومجلسه الشريف، والمرادُ به السلامُ عليه، لكن يُكْنَى عنه بما يتعلَّق به نوع التعلق إجلالًا، انتهى.
وخُلاصة ما قال (١): أحسِنِي تعَهُّدَهُ وانظرِي فيما يقتضيه إكرام الضيف على أبلغ وجه وأتَمِّهِ.
ورُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أفرسُ الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}، وابنة شعيب حين قالت لأبيها:{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} الآية، وأبو بكر رضي الله عنه حين استَخْلَفَ عُمَر بنَ الخطاب رضي الله عنه.
ثمَّ بَيَّنَ عِلَّةِ إكرامه برجائه فيه، وعظيم أمله في جليل مساعدته، فقال:{عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا}؛ أي: عَلَّه أن يَنْفَعَنا في أمورنا الخاصة إذا تدرَّبَ فيها، وعَرَفَ مَوارِدَها ومصَادِرَها، أو شؤون الدولة العامة، لِمَا يلوح عليه من مخايل الذكاء والنَّجَابة. {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}؛ أي: نتبناه، ونقيمه مقَامَ الولد فَيَكُون قُرة عَيْنٍ لنا، ووارثًا لمالنا، ومَجْدنا إذا تمَّ رشده، ونَضَج عقله. وفي الآية إيماء إلى شيئين:
١ - أنَّ العزيز كان عقيمًا.
٢ - أنه كان صادق الفراسة، ثاقب الفكر.
فقد استدل من كمال خُلُقه وخَلْقِهِ على أنَّ حُسْنَ عشرته، وكرمَ وَفادته، وشرفَ تربيته مما يُكمل استعدادَه الفطرِيّ. فالتجارب دلَّتْ على أنه لا يفسد الأخلاقَ شيء أكثر مما تُفْسِدُها البيئة الفاسدة، وسوء القدوة.
والمعنى: أكرمي إقامتَه عندنا بحسن العشرة، نرجو من الله أن ينفَعَنا فيما نحتاج إليه، ويكفينا بَعْضَ المهمات، أو نتبناه، ونُقيمه مقام الولد، ولم يكن لنا ولدٌ. وكان العزيز هذا لا يأتي النساء أو عَقِيمًا. فالمراد من نفعه أحدُ أمرين: إمَّا الرِّبحُ فيه إذا باعوه، أو معاونتُه لهم إن أبقَوه، وهذان غَيْرَ اتخاذه ولدًا. ويَجُوز