للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ نافع بالياء المضمومة مبنيا للمجهول (١)، وذكّر الفعل؛ لأنّ الخطايا مؤنث مجازي، أو لوقوع الفصل. وقرأ ابن عامر بالتاء المضمومة مبنيا للمجهول أيضا. وقرأ الباقون نغفر بنون العظمة، وهي أولى؛ لجريانها على نظام ما قبله من قوله: {وَإِذْ قُلْنَا} وما بعده من قوله: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} وقرأ أبو بكر من طريق الجعفيّ يغفر بالياء المفتوحة، على أنّ الفاعل ضمير الغائب العائد على الله سبحانه. وقرأت طائفة تغفر بالتاء الفوقية المفتوحة، فيكون ضمير الفاعل عائدا على الحطة، كأنه تكون سبب الغفران، وليس بجيّد؛ لأنّ نفس اللّفظة بمجردها لا تكون سببا للغفران، وراوي هذه القراءة هو ابن عطية، وأمال الكسائي {خَطاياكُمْ} وقرأ الجحدريّ وقتادة {تغفر خطيئتكم} بضم التاء، وإفراد الخطيئة. وقرأ الحسن {يغفر خطيئاتكم} بالياء مفتوحة، وبالجمع المسّلم. وقرأ أبو حيوة {تغفر خطيئاتكم} بالتاء مضمومة، وبالجمع المسلم. وحكى الأهوازي أنه قرأ {خَطاياكُمْ} بهمزة الألف، وسكون الألف الأخيرة. وحكى عنه أيضا العكس. وتوجيه هذا الهمزة؛ أنه استثقل النطق بألفين مع أنّ الحاجز حرف مفتوح، والفتحة تنشأ عنها الألف، فكأنّه اجتمع ثلاث ألفات، فهمّزت إحدى الألفين، ليزول هذا الاستثقال.

والحاصل (٢): أنّ من قرأ بضم الياء، أو التاء، كان خطاياكم، أو خطيئاتكم، أو خطيئتكم مفعولا، لم يسمّ فاعله. ومن قرأ بفتح التاء، أو الياء، أو بالنون، كان ذلك مفعولا به، وجزم هذا الفعل؛ لأنه جواب الأمر. والمعنى: أي إذا فعلتم ما ذكر استجبنا دعاءكم، وكفرنا عنكم خطاياكم. {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} بالطاعة والامتثال لأمرنا ثوابا من فضلنا، وهم الذين لم يعبدوا العجل، جمع محسن، والمحسن (٣): من أحسن في فعله، وإلى نفسه، وغيره. وقيل: المحسن من صحّح عقد توحيده، وأحسن سياسة نفسه، وأقبل على أداء


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.