بمعنى فاعل كالعشير والخليط بمعنى المعاشر والمخالط كقوله:{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}؛ أي: مناجيًا، وهذا في الاستعمال يفرد مطلقًا، يقال: هم خليطك وعشيرك؛ أي: مخالطوك ومعاشروك، وإما لأنه صفة على فعيل بمنزلة صديق وبابه، فوحد لأنه بزنة المصادر كالصهيل والوحيد والذميل، وإما لأنه مصدر بمعنى التناجي كما قيل: النجوى بمعناه قال الله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} وحينئذ يكون فيه التأويلات المذكورة في رجل عدل وبابه. اهـ.
{قَالَ كَبِيرُهُمْ}؛ أي: رأيًا وتدبيرًا وعلمًا؛ وهو شمعون. قاله مجاهد، أو كبيرهم في السنن، وهو روبيل. قاله قتادة، وقيل: في العقل والرأي؛ وهو يهوذا ذكرهم الميثاق في قول يعقوب:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}.
{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ}: {أَبْرَحَ} هنا تامة ضمِّنت معنى أفارق، فالأرض مفعول به، ولا يجوز أن تكون تامة من غير تضمين؛ لأنها إذا كانت كذلك كان معناها ظهر وذهب، ومعنى الظهور والذهاب لا يصل إلى الظرف المخصوص إلا بواسطة في تقول: ذهبت في الأرض، ولا يجوز ذهبت الأرض. وقد جاء شيء لا يقاس عليه. واعلم أنه لا يجوز في أبرح أن تكون ناقصة؛ لأنه لا ينتظم من الضمير الذي فيها ومن الأرض مبتدأ وخبر، ألا ترى أنك لو قلت: أنا الأرض، لم يجز من غير في بخلاف: أنا في الأرض. اهـ. "كرخي".
{الْقَرْيَةَ}: اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس وللناس جميعًا، ويستعمل في كل واحد منهما. قاله الراغب.
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ}؛ أي: زينت وخيلت لكم {أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}؛ أي: كيدًا آخر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}؛ أي: فشأني صبر جميل؛ أي: حسن، أو صبر جميل أولى بي وأليق.
واعلم: أن الواجب على كل مسلم إذا أصيب بمكروه في نفسه أو ولده أو ماله أن يتلقى ذلك بالصبر الجميل والرضا والتسليم لمجريه عليه؛ وهو العليم الحكيم، ويقتدي بيعقوب وسائر النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وقال سعيد بن عروبة عن قتادة عن الحسن قال: ما من جرعتين يتجرعهما العبد