للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخلاصة ذلك (١): أنك الآن في بلاءٍ شديد، ويخاف أن يحصل لك ما هو أكثر وأشد، وهم يريدون بذلك منعه من البكاء والأسف، وإن كانوا هم سبب أحزانه ومنشأ همومه وغمومه، وإنما (٢) قالوا له ذلك؛ لأنهم علموا باليقين أنه يداوم على ذلك.

وأصل {تَاللَّهِ تَفْتَأُ}؛ أي: والله لا تفتأ ولا تزال، فلا (٣) محذوفة في جواب القسم للتخفيف لعدم الالتباس؛ لأنه لو كان الجواب مثبتًا .. للزمه اللام ونون التوكيد عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين، وذلك نظير قول العرب: والله أقصدك أبدًا، يعنون: لا أقصدك. وقال الفراء إن (لا) مضمرة؛ أي: لا تفتأ. قال النحاس: والذي قال صحيح، وقد روي عن الخليل وسيبويه مثل قول الفراء، وأنشد الفراء محتجًا على ما قاله قول امرئ القيس:

فَقُلْتُ يَمِيْنَ اللهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا ... وَلَوْ قَطَعُوْا رَأسِيْ لَدَيْكِ وَأوْصَالي

يريد: لا أبرح.

وقالت الخنساء:

فَأقْسَمْتُ آسَى عَلَى هَالِكٍ ... أوَ أسْألُ نَائِحَةً مَالَهَا

أرادت: لا آسى.

وقال الآخر:

لَمْ يَشْعُرِ النَّعْشُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْـ ... ـعُرْفِ وَلا الحَامِلُوْنَ مَا حَمَلُوْا

تَاللهِ أَنْسَى مُصِيْبَتي أبَدَا ... مَا أسْمَعَتْنِي حَنِيْنَهَا الإِبِلُ

وقرأ أبو عمران وابن محيصن وأبو حيوة شذوذًا (٤): {قالوا باللهِ} - بالباء - وكذلك كل قسم في القرآن، ويقال: فتىء وفتا لغتان فيه، (٥) ولا يستعملان إلا


(١) المراغي.
(٢) القرطبي.
(٣) روح البيان.
(٤) زاد المسير.
(٥) القرطبي.