للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والرابع: مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة. والمعنى: أي: والذين (١) يصلون الرحم التي أصرهم الله تعالى بوصلها، فيعاملون الأقارب بالمودة والحسنى، ويحسنون إلى المحاويج وذوي الخلة منهم بإيصال الخير إليهم ودفع الأذى عنهم بقدر الاستطاعة، ويصلون المؤمنين بسبب قرابة الإيمان بالإحسان إليهم ونصرتهم والشفقة عليهم، وإفشاء السلام وعيادة المرضى، ومراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران، والرفقة في السفر إلى غير ذلك مما مر آنفًا. وأكثر المفسرين على أن المراد بالوصل هنا صلة الرحم.

واعلم (٢): أن قطع الرحم حرام، والصلة واجبة، ومعناها: التفقد بالزيارة والإهداء والإعانة بالقول والفعل، وعدم النسيان، وأقله التسليم وإرسال السلام والمكتوب، ولا توقيت فيها في الشرع، بل العبرة بالعرف والعادة كذا في "شرح الطريقة" وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق. وزيادة العمر، وهي أسرع أثرًا كعقوق الوالدين، فإن العاق لهما لا يمهل في الأغلب، ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم.

فصل في ذكر الأحاديث الواردة في صلة الرحم وقطيعتها

عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تبارك وتعالى: "أنا الله وأنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته"، أو قال: "بتته". أخرجه أبو داود والترمذي.

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". متفق عليه.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سره أن يبسط له في رزقه، وأن يُنْسَأ له في أثره، فليصل رحمه". أخرجه البخاري، صلة الرحم: ميرة الأهل والأقارب والإحسان إليهم، وضدُّه: القطع.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.