للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولابنه سليمان عليه السلام ثلاث مئة امرأة مهرية وسبع مئة سرية، فكيف يضر كثرة الأزواج لنبينا عليه الصلاة والسلام. وروي أن المشركين طعنوا في نبوته لعدم إتيانه بما يقترحونه من الآيات، فنزل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ} من الرسل الكرام وما صح لواحد منهم، ولم يكن في وسعه {أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ} تقترح عليه {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وأمره وإرادته، لا باختيار نفسه ورأيه، فإنهم عبيد مربوبون منقادون، وهو جواب لقول المشركين: لو كان رسولًا من عند الله لكان عليه أن يأتي بأي شيء طلبنا منه من المعجزات ولا يتوقف فيه، وفيه إشارة إلى أن حركات عامة الخلق وسكناتهم بمشيئة الله تعالى وإرادته، وأن حركات الرسل وسكناتهم بإذن الله ورضاه.

أي: وما (١) كان في وسع رسول من الرسل أن يأتي من أرسل إليهم بمعجزة يقترحونها إلا متى شاء الله وعلم أن في الإتيان بها حكمًا ومصالح لعباده، وقد جاء من الآيات بما فيه عبرة لمن اعتبر، وغناء لمن تفكر وتدبر، ولكنهم أبوا إلا التمادي في الغواية والضلال. والآيات المقترحة لا تأتي إلا على مقتضى الحكمة في أزمان يعلمها الله، وقد جعل لكل زمن من الأحكام ما فيه الصلاح والخير للناس، ولا صلاح فيما اقترحوه، وهل من الصلاح أن يرضع المراهق اللبن من ظئره، وأن يجعل له مهد ينام فيه، كذلك لا حكمة في إنزال الآيات التي اقترحوها، وهذا إيضاح قوله: {لِكُلِّ أَجَلٍ} ووقت {كِتَابٌ}؛ أي: حكم (٢) مكتوب مفروض فيه يليق بصلاح حال أهله، فإن الحكمة تقتضي اختلاف الأحكام على حسب اختلاف الأعصار والأمم، وهو جواب لقولهم: لو كان نبيًّا ما نسخ أكثر أحكام التوراة والإنجيل. وقال الشيخ في "تفسيره" .. أي: لكل شيء قضاه الله تعالى وقت مكتوب معلوم لا يزاد عليه ولا ينقص منه، أو لا يتقدم ولا يتأخر عنه. اهـ.

ففي الكلام تقديم وتأخير؛ أي: لكل (٣) كتاب أجل؛ أي: لكل أمر كتبه الله


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.