للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس من عدة طرق، والموصول (١) مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامهم؛ أي: قسموا القرآن إلى حق وباطل، حيث قالوا عنادًا وعدوانًا: بعضه حق موافق للتوارة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما، والغرض بيان المماثلة بين الإتيانين لا بين متعلقيهما، كما في الصلاة الإبراهيمية، فإن التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله الفائضة على إبراهيم وآله أتم وأكمل مما فاض على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذلك للتقدم في الوجود، فليس في التشبيه إشعارٌ بأفضلية المشبه به من المشبه، فضلًا عن إيهام أفضلية ما تعلق به الأول مما تعلق به الثاني، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي ما لم يؤت أحد قبله ولا بعده مثله.

وفي "القرطبي": واختلف في المقتسمين على أقوال سبعة (٢):

الأول: قال مقاتل والفراء: هم ستة عشر رجلًا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم، فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها وفجاجها، يقولون لمن سلكها لا تغتر بهذا الخارج فينا يدعي النبوة، فإنه مجنون، وربما قالوا ساحرٌ، وربما قالوا شاعرٌ، وربما قالوا كاهنٌ، وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق، فأماتهم شر ميتةٍ، وكانوا نصبوا الوليد بن المغيرة حكمًا على باب المسجد، فإذا سألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .. قال صدق أولئك.

الثاني: قال قتادة: هم قوم كفار من قريش اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرًا، وبعضه سحرًا، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير الأولين.

الثالث: قال ابن عباس: هم أهل الكتاب آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه،

الرابع: قال عكرمة: هم أهل الكتاب، وسموا مقتسمين لأنهم كانوا مستهزئين، فيقول بعضهم هذه السورة لي وهذه لك.

الخامس: قال قتادة: اقتسموا كتابهم ففرقوه وبدَّدوه.

السادس: قال زيد بن أسلم: المراد قوم صالح تقاسموا على قتله، فسموا مقتسمين، كما قال تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}.


(١) روح البيان.
(٢) القرطبي.