التعيين وإن كان اللفظ مقتضاه الإطلاق؛ لأنهم لو عملوا بمطلقه لم يحصل التقصّي عن الأمر بيقين. انتهى كلامه. وقال غيره: لما لم يكن التماثل من كل وجه، وحصل الاشتباه عليهم، ساغ لهم السؤال، فأخبروا بسنها فوجدوا مثلها في السن كثيرا، فسألوا عن اللون فأخبروا بذلك، فلم يزل اللبس بذلك، فسألوا عن العمل فأخبروا بذلك، وعن بعض أوصافها الخاصّ بها فزال اللبس بتبيين السن، واللون، والعمل، وبعض الأوصاف، إذ وجود بقر كثير على هذه الأوصاف يندر، فهذا هو السبب الذي جرّأهم على تكرار السؤال.
وقرأ الجمهور (١){تَشابَهَ} جعلوه فعلا ماضيا على وزن تفاعل مسندا لضمير البقر على أنّ البقر مذكر. وقرأ الحسن {تشابه} بضم الهاء جعله مضارعا محذوف التاء، وماضيه {تَشابَهَ} وفيه ضمير يعود على البقر على أنّ البقر مؤنث. وقرأ الأعرج كذلك، إلا أنه شدّد الشين جعله مضارعا وماضيه {تشابه} أصله: تتشابه، فأدغم، وفيه ضمير يعود على البقر. وروي عن الحسن أيضا. وقرأ محمد المعيطيّ المعروف بذي الشامة (تشبّه علينا) جعله ماضيا على تفعل. وقرأ ابن مسعود {يشّابه} بالياء وتشديد الشين جعله مضارعا من تفاعل، ولكنه أدغم التاء في الشين. وقرىء {متشبّه} اسم فاعل من تشبّه. وقرأ بعضهم {يتشابه} مضارع تشابه، وفيه ضمير يعود على البقر. وقرأ أبيّ {تشابهت} وقرأ الأعمش متشابه ومتشابهة وقرأ ابن أبي إسحاق {تشّابهت} بتشديد الشين مع كونه فعلا ماضيا وبتاء التأنيث آخره. فهذه اثنتا عشرة قراءة، وتوجيه هذه القراءات ظاهر إلا قراءة ابن أبي إسحاق تشابهت، فقال بعض الناس: لا وجه لها، وتبيين ما قاله: أنّ تشديد الشين إنما يكون بإدغام التاء فيها، والماضي لا يكون فيه تاءان، فتبقى إحداهما وتدغم الأخرى، ويمكن أن توجه هذه القراءة على أن أصله: اشابهت، والتاء هي تاء البقرة، وأصله: إن البقرة اشابهت علينا، فأدغمت التاء في الشين فاجتلبت همزة الوصل. وقد أطال الكلام هنا أبو حيان، فراجعه فإنه لا يليق بمختصرنا هذا.