للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن الإلهية له سبحانه مسلمة في نفسها، وإنما خلاف المشركين في الواحدية.

وعبارة "النسفي" هنا: فإن قلت (١): إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين، فقالوا: عندي رجال ثلاثة، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص، فأما رجل ورجلان فمعدودان فيهما دلالة على العدد؛ فلا حاجة إلى أن يقال رجل واحد ورجلان اثنان.

قلتُ: الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دالٌ على شيئين، على الجنسية والعدد المخصوص، فإذا أريدت الدلالة على أن المعني به منهما هو العدد .. شفع بما يؤكد، فدل به على القصد إليه والعناية به، ألا ترى أنك لو قلت إنما هو إله ولم تؤكده بواحد لم يحسن، وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية.

{فَإِيَّايَ} لا غيري {فَارْهَبُونِ}؛ أي: فخافون؛ أي: إن كنتم راهبين شيئًا .. فارهبوني لا غيري، فإني ذلك الواحد الذي يسجد له ما في السموات والأرض، فالفاء واقعة في جواب شرط محذوف.

والمعنى: أي (٢) وقال الله سبحانه لعباده لا تتخذوا لي شريكًا ولا تعبدوا سواي، فإنكم إذا عبدتم معي غيري .. جعلتموه لي شريكًا، ولا شريك لي إنما هو إله واحد ومعبود واحد، وأنا ذاك، فاتقوني وخافوا عقابي بمعصيتكم إياي بإشراككم بي غيري، أو عبادتكم سواي.

وإنَّما ذكر (٣) العدد مع أن صيغة التثنية مغنية عنه للدلالة على أنَّ المنهي عنه هي الاثنينية، وإنها منافية للألوهية، كما أن وصف الإله بالوحدة في قوله: {إنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} للدلالة على أنَّ المقصود إثبات الواحدانية، وأنها من لوازم الألوهية، أما الألوهية فغير منكرة ولا منازع فيها، كما مر ذلك آنفًا عن الشوكاني والنسفي.

والخلاصة: أنه تعالى أخبر أنه لا إله إلا هو، وأنه لا تنبغي العبادة إلا له وحده.


(١) النسفي.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.