وهوله وما منح نبيه من الشرف العظيم، وأنه أنزل عليه الكتاب ليبين للناس ما أشكل عليهم من مصالح دينهم ودنياهم، ويهديهم سواء السبيل، وفيه البشرى للمؤمنين بجنات النعيم.
قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما بالغ في الوعد للمتقين والوعيد للكافرين، وعاد وكرر في الترهيب والترهيب إلى أقصى الغاية .. أردف ذلك ذكر هذه الأوامر التي جمعت فضائل الأخلاق والآداب، وضروب التكاليف التي رسمها الدين، وحث عليها، لما فيها من إصلاح حال النفوس، وصلاح حال الأمم والشعوب، ثم ضرب الأمثال لمن يحيد عنها وينفر من فعلها، ثم أبان أن أمر الهداية والإضلال بيده، وأنه قد قدَّر بحسب استعداد النفوس للصلاحِ والغواية، وأنه سيجازي يوم القيامة كل نفس بما كسبت:{لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
قوله تعالى:{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حذر من نقض العهود والأيمان على الإطلاق .. حذر في هذه الآية من نقض أيمان مخصوصة أقدموا عليها، وهي نقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإيمان به واتباع شرائعه جريًا وراء خيرات الدنيا وزخارفها، وأبان لهم أنَّ كل ذلك زائلٌ، وما عند الله باقٍ لا ينفد، ثم هو بعد يجزيهم الجزاء الأوفى.
أسباب النزول
قوله تعالى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (١) ابن أبي حاتم عن مجاهد أن أعرابيًّا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقرأ عليه:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} قال الأعرابي: نعم، ثم قرأ عليه:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} قال: